الاثنين، 25 أكتوبر 2010

نص خطاب الرئيس جمال عبد الناصر إلى أهالى النوبه

قام الرئيس جمال عبد الناصر بزياره القرى النوبيه فى النوبه القديمه فى يوم 11 يناير 1960 بعد يومين من وضع حجر الأساس لمشروع السد العالى وكان الهدف من الزياره حث أهالى النوبه على الهجره من مناطقهم الأصليه التى ستغرق تحت مياه السد إلى المنطقه الجديده التى خصصتها الدوله لهم ..... وسأكتفى بان أنقل نص الخطاب الذى القاه الرئيس الراحل فى ذلك اليوم فى أهالى النوبه على مقربه من معبد أبوسمبل ... ولن أعلق على ما قيل من وعود ولم تنفذ .
                       ____________________________________________


 


كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى أهالى النوبة
١١/١/١٩٦٠
أهالى النوبة.. إخوانى أهالى النوبة
:أنا سعيد لوجودى بينكم فى بلدكم لأراكم وأرى هذه الروح القوية المتدفقة من كل فرد فيكم ونحن نحتفل بهذه الأعياد؛ أعياد البناء والتصنيع والتشييد، أرجو فى نفس الوقت أن يشعر كل فرد منكم أننا نعامل أبناء هذه الأمة معاملة واحدة مبنية على الحق والحرية والمساواة وأن السد العالى لن يعطى الخيرات للشمال فقط وتحرموا أنتم من هذه الخيرات لأن خيرات السد العالى هى لأبناء الوطن جميعاً. وأحب أن أقول لكم: إننا ونحن نبحث السد العالى إنما نبحث أيضاً فى خيركم وفى مستقبلكم، كما نبحث فى النتائج التى ستترتب على السد العالى
أيها الإخوة المواطنون:ونحن نشعر أن الخير الذى سيعم على أبناء النوبة سيكون الخير الكثير؛ لأنه سيجمع شمل أبناء النوبة جميعاً على أساس من الأسس الصحيحة لبناء مجتمع قوى سليم؛ وبهذا تنتفى الشكوى التى كنتم تشعرون بها طوال السنين الماضية.. شكوى الانعزال، ثم شكوى تفرقة العائلة الواحدة.. أفرادها يعملون فى الشمال وبعضها يعملون فى الجنوب ...حينما نبحث السد العالى الذى ستغرق مياهه بعض أجزاء أو أجزاء كبيرة من بلادكم، فإننا ننظر إلى مستقبلكم أيضاً لا على أساس تشتيت أبناء النوبة فى كل مكان؛ لأن لكم التاريخ الطويل.. التاريخ المجيد الذى تشهد عليه هذه الآثار التى سنزورها اليوم، والتى عشتم بقربها آلاف السنين، ولكنا سنعمل أيضاً على جمع شملكم جميعاً، كما كان هذا الشمل يجتمع فى هذه المنطقة طوال السنين الماضية أو على مر آلاف السنين.سيقوم السيد كمال حسين - المشرف على الاتحاد القومى - ببحث جميع مطالبكم، وستكون لجنة الاتحاد القومى هنا دائماً على اتصال بالاتحاد القومى؛ حتى يمكن أن نرى مشاكلكم دائماً أولاً بأول. وحتى نستطيع أن نحل هذه المشاكل دائماً أول بأول. وإننا نعتقد أن عملية التهجير أو عملية النقل من هذا المكان ستكون عملية مركزة منظمة مريحة لكم جميعاً؛ لتنتقلوا من هذه القرى التى عشتم فيها إلى مناطق جديدة تشعرون فيها بالسعادة، وتشعرون فيها بالحرية، وتشعرون فيها بالرخاء.وستكون هذه فرصة لكم للاشتراك أيضاً فى النهضة الصناعية التى نسير فيها اليوم، فلن يكون العمل مقتصر على الزراعة، ولكن سيكون العمل مقتصر على الزراعة والصناعة، وإن شاء الله أيضاً ستصرف لكم التعويضات الناتجة عن ٥٤ و٥٨ فى أسرع وقت.وأرجو - أيها الإخوة المواطنون - ألا تشعروا بأى قلق بالنسبة للمستقبل، وأنا أشعر أن المستقبل سيكون - بإذن الله - مستقبل كريم عزيز بالنسبة لكم جميعاً.أنتهز هذه الفرصة وأنا أرى بعض الإخوة من السودان الشقيق - من حلفا - لأعبر لهم عن شكرى لمشاركتنا فى هذه المناسبة، ولأحملهم تحياتى وتحيات الجمهورية العربية المتحدة إلى الشعب السودانى الشقيق.
 والله يوفقكم.
والسلام عليكم

حقاً أنها ملحمه أنسانيه

         

لا  أعلم السبب الذى يجعل الأغلبيه ممن يتكلمون عن مأساة غرق القرى النوبيه يتجاهلون فى أحديثهم ملحمة النوبيين فى منطقه الشلال تلك المنطقه التى كانت تقع ما بين الجندل الأول وقرية دابود ..... وعلى الرغم من أن النوبيين فى تلك المنطقه هم أول من عانوا من الأهوال التى ترتبت على بناء الخزان وهم أول من هاجروا من النوبيين هربا من الغرق .... ولكن ومع كل ما عانوا منذ 1890 عند وضع حجر الأساس لمشروع الخزان وحتى اليوم .... فأنهم وللأسف يتعرضون للأهمال من الجميع ولا يتذكرهم أحد عند الحديث عن الحقوق النوبيه ...... وقبل الأسترسال فى الحديث يجب التعريف بتلك القرى المنسيه .
قبل بناء الخزان كانت القرى النوبيه الواقعه إلى الشمال من قريه دبواد وحتى الشلال (الجندل الأول ) تعرف بأسم الشلا ليه وتتكون من قرى (تنقار – شمه الواح – محضر خور توندى (كوندى) – اتمنى  - امشير – جبل شيشه – مرو تود) على ضفتى النيل وبالأضافه إلى ثلا ثه جزر هى ( جزيرة هيسا – جزيرة عواض – جزيرة بجا ) ...... وأدى القرب الشديد لتلك القرى من موقع الخزان الى غرقها غراقا كاملآ منذ البدء فى بناء الخزان .... ولم يكن أمام الأهالى ألا الهرب من الغرق فتمسكوا بالمرتفعات المحيطه ... ثم اضطروا مع الوقت للنزوح للأماكن الواقعه شما الخزان وأستقروا فى مناطق (غرب أسوان -الشلال - الجزيرة -عزبة العسكر -جزيرة أسوان - تنقار - جبل تقوق - بربر - نجع المحطة - عزبة المنشية -  جزيرة سهيل  -غرب سهيل - جزيرة هيسا  - منشية النوبة- البيجه- عزبة الحدود -الكرور- أراشكول -المسي تود ) ..... ومنهم من نزح  داخل مدينه اسوان فى مناطق (الحصايا - جزيرة عواض - الشيخ هارون ـ السيل – الخزان)
..... والغريب هو اهمال الحكومات المتعاقبه منذ بناء الخزان وحتى الأن لأهالى تلك القرى النوبيه على وجه الخصوص .... فلم تشملهم تعويضات بناء الخزان وذلك بسبب أن لجان حصر ممتلكات منكوبى الخزان شكلت بعد بناء الخزان غرق كامل أرضى تلك القرى تحت مياه الخزان فتم أهمال تعويضات النوبيين بتلك القرى لعدم أمكانية حصر ممتلكاتهم الغارقه .....  والأغراب هو قيام الحكومات المتعاقبه منذ مطلع القرن العشرين وحتى الأن بأنشاء الكثير من المشاريع التنمويه بمدينه اسوان وأهمال  اهالى تلك القرى أهمالآ  كليا فلم يفكر أحد فى مجرد شق ترعه بهذه القرى لمساعدة الأهلى على الزراعه التى اضطروا إلى هجرها بسبب صعوبه الأرضى التى اضطروا إلى النزوح إليها .... فالمنطقه مازالت حتى اليوم تفتقر أى نوع من الخدمات الأنسانيه البسيطه فلا توجد رعايه طبيه بأغلب تلك القرى فسكان جزيرة هيسا مثلا  مازالوا حتى يومنا هذا يعيشون بدون كهرباء أو مرافق او أى خدمات .... ولكن ذلك الأهمال لم يفت فى عزم نوبييو تلك القرى بلا  زادهم اصرارنا على ان يتشبثوا بما تبقى لهم من أرث الأجداد .... ليعيشوا إلى يوماً هذا وهم يسطرون ملحمه انسانيه يتعمد الجميع أغفالها عند الحديث عن الهموم النوبيه ..... والمضحك المبكى فى الأمر أن الدوله تتعامل معهم طوال الوقت على أنهم واضع يدى على أملاك الدوله وليس اصحاب حق أصيل فى الأراضى التى يقيمون بها ... وحتى عندما فكرت الدوله العام الماضى فى تقنين اوضعهم وتمكينهم من تملك أراضيهم بأعتبارهم من متضررى خزان أسوان ... تم وضع شرط متعسف لأتمام هذا التقنين هو ( أنه لن يتم تمليك الأراضى ألا  لمن يملك سندات ملكيه للأراضى القديمه التى غرقت ) .... وهو شرط مستحيل تحققه لسبب بسيط هو أن مصلحه الشهر العقارى وتوثيق الملكيه اسست عام 1904 وأراضيهم غرقت منذ بداية مشروع انشاء الخزان الذى أفتتح عام 1902 ... بمعنى أنه عند تأسيس الشهر العقارى كانت اراضى تلك القرى مغموره كليا بمياه الخزان ...... ويا ليت الأمر أقتصر على ذلك بل زاد الأمر بلاء وهماً على جموع النوبيين بتلك القرى ما ظهر أخيراً من مطامع لدى بعض مدعى الأستثمار فيأتى أحد نهابى البلد من منتسبى لجنة السياسات بالحزب الفاسد ليحاول أنشاء مشروع ( بورتو أسوان) فى منطقه غرب اسوان بل ويحصل على موافقه مبدئيه من محافظ اسوان على المشروع وبدون أدنى أعتبار لما تحويه المنطقه من أثار تاريخيه لم يكشف النقاب على اغلبها أو وجود أناس يعيشون بتلك المنطقه ....  والغريب أن من تصدى لذلك المشروع هم المرشدين الساحيين المصريين والأجانب العاملين بأسوان ومعهم بعض علماء الأثارالغير حكوميين (طبعا) ليجبروا (هيئه الأثار المصريه) على رفض المشروع ..... وما كاد الناس يهدأون على اثر رفض مشروع ( بورتو أسوان) حتى فوجئوا فى نفس العام بظهور مشروع جديد لأنشاء قريه سياحيه فوق الهضبه المطله على قرية غرب سهيل فى نفس المكان الذى يستخدمه ابناء القريه لتأخير الخيول والجمال للسائحيين الأجانب وتقوم الحياه فى غرب سهيل على تلك المهنه بعد ان تعثر على الأهلى الزراعه بسبب سوء الأراضى وايضا بعد أن قامت هيئه العامه للسد وخزان أسوان بمنعهم عن مزاوله الصيد ورفض اعطائهم تصاريح صيد على اساس انهم واضعى يد على أراضى الدوله فلم يبقى ألا  العمل على تأخير الخيل والجمال للسائحين الأجانب ليستطيع العيش ....ليأتى هذا المشروع ليقضى ليستولى على الاراضى التى يستخدموها لمزاولة تلك المهنه ..... وأكثر ما يثير الأسى والحسره هو أن صاحب المشروع الجديد رجل أعمال نوبى ..... نعم للأسف نوبى ..... ولكن مدى كان لرأس المال أنتماء أو وطن .... فأدعياء الأستثماروطنهم وهو رصيدهم البنكى وأنتمائهم هو لمن يزيد ذلك الرصيد ..... ولا يبالون بأى قيم بخلا ف مصالحهم الشخصيه ....  ولم يٌوقف المشروع إلا  شجاعة اهالى غرب سهيل وتمسكهم بحقهم فقد ثاروا على المحافظ أثناء حضوره مؤتمر جماهيرى بغرب أسوان ورددوا الهتافات المعاديه له والرافضه للمشروع وهددوا بتصعيد الأمر فأطضر المحافظ على سحب موافقته التى سبق ومنحها للمشروع وأرجع البعض ذلك إلى خشية المحافظ من الدخول فى صراع جديد مع النوبيين وخاصة مع ما كانت تشهده تلك الفتره من صراعات قائمه بين المحافظ والنوبيين حول توطين متضررى السد العالى بأماكنهم القديمه .... ولكن إلى متى سيستطيع أهالى القرى النوبيه بأسوان الصمود أمام أطماع جحافل المماليك الجدد من مدعى الأستثمار الذين يستندون إلى ما يربطهم من صلات وعلاقات فاسده بدوائر الحكم الفاسد ؟
كانت تلك نبذه صغيره عن ملحمه أنسانيه عظيمه نسيها الجميع وأهملها الكل وأمل ان تكون تلك مجرد بدايه لسرد اكثر تعمق ودراسه لتلك الملحمه الأنسانيه .

التهجير جريمه لن نسامح من تسبب فيها



بينما انشغل العالم اجمع فى الحدثين الأهم فى ذاك الوقت ( بناء السد العالى وانقاذ اثار النوبه المعرضه للغرق ) لم ينتبه احد للأنسان النوبى الذى عمر تلك المنطقه منذ فجر التاريخ وصنع اجداده تلك الأثار كشواهد على قدم تلك المنطقه وأصالة تلك الحضاره فكان جزاء هذا النوبى النسيان والأهمال وتم تهجير النوبيين بعشوائيه غريبه وكأن القائمين على الأمر لم يروا النوبيين ولم ينبهوا لوجودهم وفوجئوا بهم .
ومع احترامى وتقديرى لقيمة السد العالى كمشروع تنموى مهم و نبل مقصد كل من ساهم فى انقاذ الأثار لما تمثله من قيمه حضاريه وتراث أنسانى يجب الحفاظ عليه ولكنى ذلك لا يجعلنى اغفر او انسى حجم المعاناه والتى عاشها ابائى واجدادى الذين شاء حظهم العثر ان يتواجدو فى هذا المكان ويعيشوا تلك المأساه التى ورثوها لنا نحن ابنائهم مرارتها  .

وأذا كان نجاح فى انجاز مشروع السد يحسب كأحد أهم انجازات القياده السياسيه بمصر فى ذاك الوقت وكدليل على مدى قوة وصلبة أرادة الشعب المصرى بكل طوائفه وفئاته  ..... وبالمثل فنجاح الحمله الدوليه لأنقاذ الأثار يحسب كأنجاز لوزارة الثقافه ووزيرها المثقف دكتور ثروت عكاشه لسعيه من اجل حشد العالم اجمع من اجل المساهمه فى ذلك العمل الأنسانى النبيل (ويجب هنا الا ننسى تأثير زيارة مدير متحف المتروبوليتان للدكتور ثروت عكاشه فى دفعه الى اطلا ق النداء الدولى لأنقاذ الأثار ...... مما يعنى أن الأثار كان من الممكن ان يصيبها الأهمال لولا  تلك الزياره)....... فأن سوء التخطيط المصاحب لتهجير النوبيين والفشل فى توفير هجره كريمه لمن ضحى بأرض اجداده خطأ وفشل لا يمكن غفرانه أو نسيانه أو مسامحة كل من شارك فيه بداءَ من اصغر موظف الى اكبر مسؤل
فالتاريخ لن يغفر ما حدث ولن يرحم كل من تسبب فى وفاة 1500 طفل من جراء التهجيروالأهمال وفى عذاب المسنين وعدم احترام تضحيهم .
وما يثير الحنق والسخط على ما حدث هو انه كان من الممكن وبالقليل من التخطيط السليم  ان يتم تنفيذ التهجير بشكل يحفظ ادمية الناس ويراعى أحتياجاتهم فمن المعروف ان التفكير فى بناء السد بداء مع بدايات الثوره واول حديث عنه كان خبر نشر فى جريده الأهرام فى شهر ديسمبر عام 1952 أى بعد خمسة أشهر من قيام الحركه المباركه ( كما كان يطلق عليها وقتها) وتكلم الخبرعن أن الدوله تدرس امكانية اقامة سد بديلآ عن خزان اسوان ... وبداء التنفيذ الفعلى بعد الأتفاق مع الحكومه العسكريه بالسودان فى ذلك الوقت على اغراق مدينه حلفا عام 1958..... وأنطلقت الحمله الدوليه لأنقاذ الأثار عام 1959 ..... وذهب الرئيس عبدالناصر الى اسوان فى عام 1960  ووضع حجر الأساس لمشروع السد العالى وذهب الى  النوبه والتقى بالنوبيين وألقى خطابه الشهير بجوار معبد ابوسمبل ذلك الخطاب الذى وعد فيه النوبيين بالخير والنماء والحياه الكريمه بمهجرهم الجديد  ....... ثم تم تهجير النوبيين فى اكتوبر 1963 .
وعلى الرغم من تأخير تهجير البشر كل تلك الفتره فأن التهجير تم بمنتهى العشوائيه والتعجل ولم يجد اغلب المهجرين منازل لهم فى مهجرهم الذى هجروا اليه .
وهل هناك وصف يمكن اطلاقه على ما حدث غير الفشل والأهمال وسوء التخطيط ؟
وما يثير الحنق ويصيبنى شخصيا بالغثيان هو ما يحاول البعض الأتيان به من كلام غريب للدفاع عمن قام بذلك من عينة (ما النوبيين بيعانوا من ايام الملكيه ) او (ما النوبه غرقت من ايام الخزان) وكأن ما قام به نظام ملكى مستورد ومتعاون مع قوى الأحتلال يعطى المبرر للحاكم الوطنى لأن يفعل بالناس مثل ما فعل بهم النظام الغاصب الغير منتمى للبلد .
وردى على مثل هذا المهاترهات الفارغه بسيط فخزان اسوان تم بنائه من اجل زيادة الرقعه الزراعيه للتوسع فى زراعة القطن لصالح مصانع النسيج (الأنجليزيه) أى لصالح المحتل ومن الطبيعى ان تقوم دولة الأحتلال باستنزاف ثروات الدول التى تحتلها (كما تفعل امريكا الأن مع البترول العراقى مثلآ) .
ولكن السد العالى تم بنائه من أجل بناء اقتصاد وطنى حر وقوى وعند التهجير وعد النوبيين بأن يجدوا فى مهجرهم كل وسائل المدنيه وسيتم توفير منازل لهم على نفس نمط المنازل التى ألفوها فى بيئتهم الأصليه وغيرها من الوعود البراقه (وده طبعا بخلاف التهديدات المتواريه لمن حاول الرفض ) وعندما ذهبوا الى تلك الجنه التى وعدوا بها لم يجدوا الا العقارب والثعابين فى انتظارهم الى جانب منازل اسمنتيه لا تراعى الظروف المناخيه للمنطقه والغريب ان اغلب تلك المنازل لم تكن جاهزه عندما وصلوا الى المنطقه (اغلب البيوت كانت عباره عن علامات جيريه على الأرض تحدد مكان البناء )
فهل يمكننا أن ننسى تلك المأساه ؟
أو أن نغفر ونسامح من تسبب فيها ؟

منكوبى الخزان






1902 تاريخ بناء خزان اسوان ... ذلك الخزان الذى شرع حكام مصر العلويين (اسره محمد على ) فى بنائه بالأتفاق مع المحتل الأنجليزى من أجل حجز الفائض من مياه النيل خلفه للأستفاده منها للتوسع فى زراعة القطن لتشغيل مصانع النسيج بدولة الأحتلال .... ولم يشغلوا بالهم بمجرد التفكير فى مصير القرى الموجوده خلف المكان المقترح لبناء الخزان وماذا سيكون مصير أهالى تلك القرى بعد أرتفاع منسوب المياه خلف الخزان ذلك الأرتفاع الذى سيؤدى إلى غرق تلك القرى .... بل أنهم لم يحالوا تنبيه أهالى تلك القرى ..... وهذا أمر ليس بغريب على محتل غاشم لا يهمه سوى مصالحه الخاصه ومصالح أصحاب المصانع فى دولته غير مبالى او عابئ بمصالح مواطنى الدوله التى يحتل أراضيها ... المهم تم بناء الخزان وأرتفع منسوب المياه 106 متر خلفه لتغرق عشر قرى نوبيه بدون أى سابق انذار ويتمسك النوبيين بالبقاء فى اماكنهم التاريخيه ويعيدون بناء بيوتهم فى المرتفعة القريبه ... ولم يكادو يلتقطون انفاسهم من هول المأساه الأولى حتى يفاجئوا بقيام الدوله بتعلية الخزان 1912 ليصل منسوب المياه إلى أرتفاع 114متر لتتكرر المأساه ويتكرر اخرى القرى العشر ويضاف أليهم ثمانى قرى جديد ويكرر النوبيين ملحمة الصمود ويعدون البناء فى المناطق التى تعلوالمناطق الغارقه .... للمره الثالثه فى 1932 يتم تعلية الخزان للمره الثانيه ليصل منسوب المياه الى ارتفاع 121متر ويعاد أغراق القرى التى أغرقت من قبل اغراق كامل مكرر ويضاف اليها عشر قرى جديد .... وتغرق النوبه التاريخيه بشكل شبه كلى وتتحول النوبه إلى شريط ضيق على النيل لا يتعدى اتساعه عن مائتين يارده (حوالى182.880 متر تقريبا )* .... ولم ينجو من هذا البلاء إلا القرى النوبيه الواقعه فى أقصى الجنوب على حدود السودان وهى( أدندان – بلانه – قسطل – ابوسمبل ) ..... فتعالت اصوات النوبيين تصرخ وتستنجد من هول ما أصابهم وكثرت الشكاوى النوبيه والعرائض التى تستجدى الرحمه من الظلم الواقع وأنبرى ابناء النوبه المتعلمين فى الدفاع عن حقوق أهاليهم وظهر النواب النوبيين فى مجلس النواب يستصرخون على أمل أن يجدوا من يسمع شكواهم ..... ولكن لم يجدوا من ينصفهم وبل تعمدت الحكومات الملكيه المتعاقبه على ابخاسهم حقوقهم وعملت تلك الحكومات على أستصدار قوانين خاصه أقل ما توصف به هى انها قوانين مجحفه  لتعويض ( منكوبى الخزان ) وهو الأسم التى كانت المكاتبات الحكوميه تشير به إلى النوبيين ... فكانت التعويضات الهزيله التى تصرف طبقا لتلك الوانين المجحفه لا تغنى ولا تسمن من جوع بل أنها تبددت فى ايدى النوبيين سريعا .... وتسبب أغراق الأراضى وضعف التعويضات فى أجبار بعض النوبيين أن لم يكن أغلبهم فى الهجره إلى القاهره والمدن الكبرى بمصر بحثا عن أى فرصه للعمل لكسب بعض المبالغ القليله ليرسلها إلى ذويهم الموجودين فى بلادهم المنكوبه فى محاوله منهم لمساعدتهم على القدره على العيش وأنقاذهم من ويلات الفقر الذى أصابهم من جراء ما حدث ..... ولم يخلو منزل او عائله فى القرى النوبيه المنكوبه أنذاك من اغتراب أحد رجالها عن القريه للعمل بمدن مصر المختلفه ... بذلك بدأت أول فصول المأساه النوبيه .
والأن وبعد هذا العرض المبسط لمأساة النوبيين ومعاناتهم من جراء غرق معظم قراهم يتبادر إلى الذهن سؤالآ هاماً وهو ( أذا كان النوبيين قد تكبدوا كل تلك الأهوال من منذ مطلع القرن العشرين فلماذا يصرون على تحميل الحقبه الناصريه وتهجير 1964 كامل الذنب ؟)
ولن اطيل فى سرد الأسباب والمبررات للأجابه على هذا السؤال على الرغم من أحترامى لمغزاه ولكنى سأكتفى بأن اردد ما أجتمع على قوله أغلب كبار السن من النوبيين الذين عاصروا تلك الأحداث فقد قالوا ( أحنا كنا قبل التهجير بنروح نشتغل فى مصر ونتغرب عن اهالينا بس كل واحد فينا كان عارف جواه أنه لازم هيجى يوم ويرجع لأهله وبلده وناسه عشان يعيش اليوميين اللى باقين له فى الدنيا فى وسط أهله ويدفن جنب النيل فى ارض جدوده ... وبعد ما هجرونا باقينا عملين زى النخل اللى اتخلع من جذوره وما باقيناش عارفين لنا مكان .. وعشان كده ظلم التهجير كان اصعب علينا من كل اللى قبله) .
وهذا الكلام وعلى الرغم من بساطته فأنها يحمل الكثير من المعانى والأيماءات ولكنى أفضل أن أختم به هذا الجزء من الخواطر او(حديث النفس ) كما افضل أن أطلق عليه .


الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

ميراث الشجن




أصعب شئ فى الوجود  هو أن يرث الأنسان الشعور بالحزن والأسى منذ الميلاد ويصبح الحزن ملازما له فى حاله وترحاله ويشعر به فى كل وقت ويراه فى عين أمه وأبيه وأقاربه الكبار فى السن وهو طفلآ لايعى لم كل هذا الحزن والشجن وعندما يحاول أن يفهم لا يجد أجابه شافيه لتساؤلاته الحائره ويزداد بداخله الغموض والحيره عن سر ذلك الحزن المخيم من حوله ..... حقيقيةَ اجد من الصعب على الكلمات أن تصف ذلك الشعور الرهيب ... وتلك المشاعر الحزينه .... وذلك الأرث الصعب الذى ورثناها  كنوبيين ولدنا بعد التهجير ولم نرى ذلك الفردوس الضائع الذى سمعنا عنه من حكايات الأباء والأجداد واحسسنا به وعايشناه من خلال رؤيتنا لنبرة الشجن فى اصواتهم ولمحة الحزن فى أعينهم عند حديثهم عن النوبه ..... كيف كانت ..... كيف ضاعت .... وكيف أجبروا على هجر مراقد أبائهم ومراتع صباهم ..... ونخيلهم ونيلهم .... وكيف غرقت النوبه تحت مياه السد .... وضاعت الأرض والنخيل التى توارثوها جيلآ بعد جيل منذ ألاف السنين ... وكيف تشتت المجتمع النوبى ما بين صحراء كوم أمبو وأسنا ومدن مصر المختلفه ..... لنولد نحن فى هذا الشتات الصعب بعد أن غرقت النوبه لنزيد من معاناة الأباء الذين لم يستطيعوا الحفاظ على أرث الأجداد الذى ورثوه عن ابائهم ولم يستطيعوا أن يورثوه لنا نحن أبنائهم فيستعيضوا عن ذلك بأن يورثونا حنين جارف إلى النوبه التى ضاعت وحلما دائما بالعوده الى تلك الجنه التى غرقت لنكمل نحن حياتنا فى ظل شعور بالأغتراب الوجدانى والتشتت ما بين واقع صعب مجبرين علي العيش فيه وحلماَ جميلآ نتمنى تحقيقه .. ونحيا وكأننا أجساداَ بلا أرواح بعد أن فارقتنا أرواحنا منذ الميلاد لتهيم حائره فوق بحيرة ترقد تحتها جنتنا المفقوده ضنى علينا من أقاموها بمجرد أن يطلقوا عليها أسم الأرض المدفونة تحتها .... فسموها بحيرة ناصر ......وبحيرة السد ...... ولكننا لا نعرف لها أسم .... إلا بحيرة النوبه ....... فبما أنها كانت مقبرة لنوبتنا .... فمن حقنا أن يكون شاهد القبر بأسم ...... النوبه المدفونه تحت ميائها .
وبسبب ذلك الأرث الصعب أصبح الحديث عن التهجير ورغم مرور كل تلك السنوات هو حديث الشجن والأسى ..... حديث  ملئ بالحنين والشوق إلى العوده .......
 وعلى الرغم من اقتناعى بأن المأساه بدأت قبل التهجير بسنين طويله ولكن حتى هذا لا يقلل  من هول مأساة التهجير الأخير التى أدت الى تعمق شعور الأغتراب والتشتت بداخلنا كنوبيين  ...... ولذلك فسيظل التهجير هو المأساه التى لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الأجيال النوبيه .
...

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

محاوله لفهم جوهر القضيه النوبيه

لا يخفى على احد ان القضيه النوبيه أصبحت أحد قضايا الساعه على الساحه الأعلاميه الأن وأحدى الأوراق التى يتلاعب بها النظام الحاكم من خلال ما يقوم المسؤلين الحكوميين من اثارته بين الفنيه والأخر مستغلين ما يقوم به بعض النوبيين من تصرفات وما يصدرونه من تصريحات فى أظهار النوبيين على أنهم فى معزل عن محيطهم الوطنى المصرى وذلك للتدليل على أن التحركات النوبيه ومطالب النوبيين هى مطالب انفصاليه وهدفهم من ذلك عزل النوبيين عن محيطهم الوطنى وإيجاد تبرير لما يقوم به هذا النظام من رفض للمطالب النوبيه العادله . ولا انكر صدور بعض التصرفات من بعض النوبيين سواء بقصد او بدون قصد تساعد هذا النظام فى مسعاه وتحيط المطالب النوبيه بشبهات وأتهامات هى ابعد ما تكون عنها .
ولكن قبل التعرض لتلك التصرفات والأفعال يجب علينا تعريف المطالب النوبيه تلك المطالب التى تلخص معاناتنا كنونبيين والتى أستمرت على مدى المائة عام الماضيه منذ بناء الخزان بتعلياته المتتاليه الى بناء السد العالى والتى سأحاول تلخيصها فى النقاط التاليه :
* الأقراربأحقيه ان تكون للنوبيين الأولويه فى أعمار منطقه ما حول بحيرة السد ( وهو المطلب المعروف اعلاميا بحق العوده ) وهو مطلب عادل مبنى على اساس المساوه بين ابناء الوطن الواحد فكما يسرت الدوله بعد انتصار 73 لأهل منطقه القناه الذى اضطروا الى هجر اقليم القناه بعد هزيمه 67 العوده الى اقليمهم الذى هجروا منه فالنوبيين يطالبون بالمعامله بالمثل وتيسير العوده الى مناطق النوبه القديمه (لمن يريد من النوبيين ) والأقرار بأولويتهم فى تعمير تلك المنطقه فى أطار خطه قوميه لأعادة اعمار المنطقه .
والجدير بالذكر ان تلك العوده لن تكون لجميع النوبيين وذلك لصعوبة ذلك على المستوييين القومى والفردى بمعنى أنه على المستوى القومى المصرى فأن جعل العوده اجباريا لكل النوبيين تعنى خلق جيتو منفصل للنوبيين فى معزل عن باقية ابناء الوطن وبالطبع هذا أمر من الصعب على اى حاكم أو نظام وطنى الموافقه عليه   . وعلى المستوى الفردى فأنه لا يمكن أغفال ان مرور كل تلك السنوات التهجير(1964) قد ادت الى وجود أرتباط ما بين النوبيين الذين ولدوا وعاشوا بمناطق التهجير وتلك المناطق  الجديده التى وطنوا بها وأستقروا بها والكلام عن العوده الأجباريه يعتبر نوع من التعدى على الحريه الشخصيه وحرية الأختيار لمن وطن نفسه على العيش بمكانه الذى ولد وتربى به بعيداً عن مناطق الأجداد.
ولذلك فمطلب العوده يرتبط فى اساسه بمن لديه الرغبه من النوبيين فى العوده والأستقرار بالمناطق القديمه .
وكما أعتقد فأن هذا المطلب من السهل تنفيذه فى اطار خطه قوميه لتعمير مناطق ما حول البحيره والأستفاده بما تمتاز به تلك المنطقه من اراضى خصبه فى خلق دلتا مصريه جديده تعوض عما أهدر من اراضى فى الدلتا القديمه وتنقذ البلاد من أهوال العجز الزارعى التى نعيشها وليس خفيا على احد أن العمل على وضع مثل تلك الخطه الطموحه أنفع لمصر من اعطاء أراضى تلك المنطقه للوليد بن طلال ومن هم على شاكلته من مدعى الأستثمار وناهبى خيرات الوطن .
* تقنين اوضاع النوبيين بمنطقه التهجير (نصر النوبه )فعلى الرغم من معاناة النوبيين بنصر النوبه من سوء المنطقه وتصدع البيوت بسبب سوء الأرض بمنطقه التهجير(ارض انتفاشيه من المفترض عدم صلاحيتها لأقامة مشروعات سكنيه) وإلى جانب ما بذلوه من جهد منذ بداية التهجير فى زراعه بعض الأراضى البسيطه الصحراويه بتلك المنطقه فأن الدوله تضنى عليهم بأن تملكهم تلك البيوت التى تأويهم والأرضى التى بذلوا الكثير من الجهد والعرق من اجل زراعتها فمازالت تلك المنطقه ملكاَ للدوله ولم يحصل إى نوبى طوال تلك الفتره على إى صك يثبت ملكيته لبيته أو لما يزرعه من ارضى استصلحها بعرقه وجهده . وعلى ما أعتقد فذلك المطلب هو مطلب سهل الحل وليس به إى تعقيد فيجب ويتحتم على الدوله أن تعطى من يستقر فى نصر لنوبه عقود ملكيه لبيوتهم واراضيهم البسيطه التى يزرعونها وذلك الى جانب أتاحة الفرصه وتيسير الأمور لمن يريد الأنتقال منهم إلى المناطق القديمه حول البحيره ضمن الخطه المشار إليها فيما سبق وذلك لضيق المساحه بنصر النوبه وعدم وجود ظهير صحراوى للمنطقه مما لا  يعطى الفرصه لأى تمدد عمرانى طبيعى يسمح بأستيعاب الزياده السكانيه المطرده بالمنطقه ولذلك فمن المفترض اعتبار مناطق ما حول البحيره ظهيراً صحراوياً لمنطقه نصر النوبه المكتظه بالسكان .
و أننى أرى أنه يتوجب على قبل الأنتقال من تلك النقطه التنويه إلى وجود مشاكل أخرى بنصر النوبه بخلاف تقنين الأوضاع والظهير الصحراوى مثل مشكلات ضعف البنيه التحتيه بالقرى وافتقار أغلب القرى الى خدمات صحيه وعدم وجود أى مشاريع تنمويه بالمنطقه مما ترتب عليه ان تحولت المنطقه الى منطقه طارده للسكان ولكن ومع ايمانى بأهمية ايجاد حلول تلك المشاكل إلا انى مقتنع تماماً انها مشكلات عامه بكافة قرى مصر وعلى مستوى أغلب أن لم يكن كل المحافظات المصريه ولن تحل إلا عن طريق أعادة أهتمام الدوله بالمناطق الريفيه ووضع خطط تنمويه لكافة المناطق المهمشه بالقطر المصرى  ومن منطلق ذلك الأقتناع فأننى لم اسرد تلك المشكلات عند حديث عن المطالب النوبيه .
* الحفاظ على الموروث الحضارى والثقافى النوبى وعلى ما أعتقد ان هذا المطلب من المفترض به ان يكن من أكثر المطالب النوبيه  أهميه على كافة الأصعده وذلك لمايمثله هذا الموروث الثقافى والحضارى من الأهميه على أساس انه يعتبر احد الروافد المهمه التى تصب فى النهر الثقافى المصرى الممدد عبرألاف السنين بل اننى يمكننى الذهاب ودونما أية مبالغه إلى ان الثقافه والحضاره النوبيه كانت لها تأثير كبير على المكنون الثقافى والحضارى الأفريقى وذلك مثبت فى كثير من الدراسه التى قام بها متخصصين فى الثقافات الأفريقيه وذلك باللأضافه إلى أن الحفاظ على التنوع الحضارى والثقافى بإى دوله هو دليل على مدى ما تتمتع به تلك الدوله من  الرقى والتحضر ولذلك فأننى أرى انه يتوجب على مصر الدوله أن تعمل على الحفاظ على ذلك الموروث الحضارى ولا يخفى على احد ما قامت به مصر ممثله فى وزارة الثقافه من اطلاق نداء عالمى للمساعده فى انقاذ أثار النوبه من الغرق عند بناء السد العالى  ذلك النداء الذى تبنته منظمة اليونسكو وصاغته فى شكل حمله دوليه لأنقاذ أثار النوبه من منطلق ما تمثله تلك الأثار ما أرث انسانى تاريخ يجب المحافظه عليه فتضافرت جهود العالم اجمع لأنقاذ الأثار .
وكما هو معروف للجميع أن البيئه فى بلاد النوبه القديمه وما تميزت به من انغلاق وبعد قد ساعدت الأنسان النوبى القديم فى الحفاظ على موروثاته الثقافيه وتوارتها عبر الأجيال على مدى ألاف السنين والتى تمثلت فى اللغه والعادات والتقاليد والموروثات ولكن وبعد التهجير وأنتقال النوبيين من محيطهم المنغلق أصبحت تلك الموروثات الثقافيه عرضه للأندثار وخاصةً اللغه التى تعتبر الوعاء الأساسى والركيزه الأولى للحفاظ على اى مكون ثقافى وكما هو معروف فأن انقراض أى لغه على مستوى العالم يعنى انقراض احد مكونات الثقافه الأنسانيه ولذلك فمن المفترض أن يكون الحفاظ على اللغه النوبيه وحمايتها من الأنقراض واجب وطنى وذلك للحفاظ على احد صور التنوع الثقافى فى المجمتع المحلى والعالمى .
وإلى جانب اللغه فيجب ويتحتم على الدوله أظهار التاريخ النوبى وأعاده دراسته وذلك من منطلق أن التاريخ النوبى يعتبر جزء مهم من التاريخ المصرى لا يجوزأغفاله بل اننى أرى وقد يشاركنى الكثيرين فى ذلك أن أى محاوله لأخفاء أو طمس أى جزء من تاريخ مصر على مر العصور سواء النوبى أو غيره هو تشويه وجريمه فى حق مصر والأنسانيه فالتاريخ الأنسانى هو فى الأصل عباره عن حلقات متصله بنيت بعضها فوق بعض وأى محاوله لطمس إى حلقه من تلك الحلقات هو جريمه فى حق الأنسانيه ولذلك فأننى اصر على حتمية أن يتم أضافة فصل عن التاريخ النوبى ضمن مادة التاريخ بالمدارس ولذلك حتى تعلم الأجيال الجديده مدى ما تتمتع به مصر من تنوع حضارى وثقافى  .
وبالنظر إلى المطالب السابقه والتى تشتمل حسب أعتقادى كافة المطالب النوبيه يظهر جالياً بساطه وعدالة ما نطالب به كنوبيين من حقوق واجبه ومطالب مشروعه  ولكن تلك المطالب على الرغم من مشروعيتها وعدالته تقابل من قبل النظام الحاكم بالتجاهل والتضليل ووضع العراقيل أمامها عوضاً عن السعى والعمل على تنفيذها وسأحاول أن أسرد الأسباب التى يقوم بسببها النظام الحاكم بعرقلت تنفيذ المطالب النوبيه (من وجهة نظرى ) فى نقطتين اساسيتين سأحاول ايضاحهم فيما يلى :
* من المعروف أن منطقة البحيره تعتبر أحد المناطق التى يطمع بعض رجال الأعمال ممن تربطهم مصالح مباشره مع النظام فى الأستيلاء عليها ولذلك فليس من مصلحتهم الأقرار بحق العوده للنوبيين إلى تلك المناطق ولذلك نجد أن النظام يتعامل مع مطلب النوبيين بالعوده أما بأظهاره على أنه خطوه يقوم بها النوبيين من اجل الأنفصال عن مصر أو إلهاء النوبيين بوعود رئاسيه زائفه كما حدث من مبارك عام 2005 بعد الأنتخابات الرئاسيه مباشرة عندما وعود النوبيين بأولويتهم فى العوده إلى مناطقهم الأصليه ذلك الوعود الذى قوبل بالفرح من بعض النوبيين والتسويف من قبل المسؤلين التنفيذيين والغريب أن هناك من النوبيين من صدق هذا الوعد وراح ينادى بتعاطف الرئيس مع المطالب النوبيه  وأهتمامه بتنفيذ مطالب النوبيين وألقوا باللوم على  بعض المسؤلين التنفيذيين الذين يسوفون فى تنفيذ ما وعد به السيد الرئيس ( ده على أساس أن فى مسؤل فى مصر ممكن يشتغل بفكره الخاص ويخالف اوامر الرئاسه) أو الحل الثالث الذى يتم تنفيذه الأن وهو أظهار ان المطالب النوبيه تتلخص فى عدد من البيوت هى الباقيه للنوبيين فى ذمة النظام والقيام ببنائها فى منطقة وادى كركر التى يرفضها غالبية النوبيين والتى لاتتفق مع مطالبهم وأسراع النظام فى البناء بتلك المنطقه ودونما وجود خطط شامله لتنميه المنطقه الهدف منه واضح وهو ان يمتنع النوبيين عن أستلام تلك المساكن او يستلموها ولا يقيمون بها فيقوم النظام بتقديم الأمر على أن النوبيين غير جادين فى حديثهم عن العوده وبالتالى احقية الدوله ممثله فى النظام الحاكم فى التصرف فى باقى المنطقه وأعطائه لمن يملك النيه الحقيقه للتنميه ( اللى هما طبعا مستثمري النظام الحاكم ) ولا أنكر أن هذا السيناريو الأخير لتمثلية كركر هو توقعى الشخصى للأحداث من واقع ما نعيشه من سيناريوهات فاشله أدمنها هذا  النظام .
* لا يخفى على احد ما يقوم به النظام من بث روح الفتنه بين أبناء الوطن وأزكائها عبر وسائل أعلامه المختلفه وذلك للوقعيه بين المصريين وإلهائهم فى مشاكل مصطنعه حتى لايعطى لهم المجال للتفكير فى المشاكلهم الحقيقه الممثله فى وجود ذلك النظام على سدرت الحكم فذلك فأنهم يعمدون إلى وضع العراقيل أمام كل من يطالب بحقوقه المشروعه فى الوطن ويصنعون قضايا وهميه فالنوبييون يسعون للأنفصال والمسيحيون يخزنون الأسحله فى اديرتهم وكنائسهم وغيرذلك من قضايا وهميه الغرض منها ألهاء الشعب عن أعدائه الحقيقين والغريب والمحزن فى الأمر هو وجود البعض ممن ينسقون وراء تلك الأوهام بل ويساعدون النظام فى مخططه سواءً عن قصد او عن جهل فللأسف فى الحالتين تكون النتيجه واحده هى غرق الوطن بكل أطيافه فى غياهب مشاعر من التعصب والكراهيه المستفيد الأول منها هو نظام دكتاتورى يرسى قواعد حكمه على انقاض السلمى الوطنى  .

ويمكن أن نخلص مما سبق إلى أن حل القضيه القضيه النوبيه وتنفيذ المطالب المشروعه والعادله التى نطالب بها كنوبيين لن تتحق إلا فى ظل نظام حكم وطنى يضع مصلحة الوطن فوق إى مصلحه أخرى ويعمل على أرساء قواعد ديمقراطيه حقيقيه تعمل على ترسيخ مفاهيم المواطنه وتعيد لمصر وجهها الحقيقى الذى يتسم بالتسامح وتقبل الأخر ذلك الوجه الذى يعمل البعض على أخفائه وأهالت أتربة العصبيه والكراهيه عليه .
وإذا ما كنا كنوبيين نسعى فعلياً إلى الحصول على حقوقنا المشروعه فيجب علينا أن ننفض عن أنفسنا مشاعر الخوف والتبعيه لذلك النظام ونننضم إلى خندق الديمقراطيه ونمد أيدينا إلى أخواننا فى الوطن من اجل أنقاذ ووطننا الذى رضينا بالأنتماء إليه وضحى ابائنا وأجدادنا من أجله وأننى اجزم أننا أذا ما أستطاعنا الوصول إلى الديمقراطيه الحقيقيه فأن القضيه النوبيه ستتحول من قضيه صعبه وأحلام بعيدة المنال إلى مطالب مشروع سهلت التنفيذ .
وختاماً لا يسعنى إلا  أن أنوه إلى أن هذا المقال هو محاوله بسيطه منى فى طريق اظهار الوجه الحقيقى لقضيتنا ومطالبنا النوبيه التى نتوارثها كنوبيين جيلآ بعد جيل وخطوه فى طريق أعادة المطالب النوبيه إلى محيطها الوطنى الحقيقى بعيداً عن نعرات التعصب الأحمق ونظرات الكراهيه المتبادل التى لامكان لها فى تاريخنا وعاداتنا التى بنيت على التسامح وتقبل الأخر سواءً على صعيد مجتمعنا النوبى أو محيطنا الوطنى المصرى .