السبت، 18 سبتمبر 2010

الديمقراطيه كما أفهمها

كثر الحديث فى الفتره الاخيره عن الديمقراطيه وحقوق المواطنه ومحاولة البعض لأظهار من يدعوا الى الديمقراطيه ويتبنى حقوق المواطنه وكأنه يدعو الى الألحاد ويحارب الأسلام مما جعلنى اراجع المبادئ العامه للديمقراطيه وحقوق المواطنه لعلى اجد بها ما يمكن أن يستدل به على تلك الأتهامات .
وادت بى تلك المراجعه الشخصيه الى مراجعة الركائز الأساسيه للمجتمعات الديمقراطيه كما افهمها وقد تمحورت تلك الركائز فى مجموعه من الشروط ساحاول عرضها بأيجاز فيما يلى .
1 -
الحكم للشعب عبر مؤسساته الديمقراطية المنتخبة من سياسية وعسكرية وأمنية بموجب الدستور الذي أقره الشعب.
2-
الفصل بين السلطات واستقلال السلطتين التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية.
3 -
حرية الصحافة والأحزاب والنقابات والجمعيات الرسمية والأهلية وصيانة حقوقها وحريتها في العمل.
4 -
الديموقراطية تقوم علي التعددية السياسية والثقافية والدينية، وهذا يتطلب تعميق مفهوم الوحدة الوطنية ووضع الخطط اللازمة بتحقيقها على أساس الولاء الوطني وليس الديني أو الحزبي أو الشعائري.
5 - ا
لاعتراف بالحقوق الوطنية والقومية والفردية لكافة قطاعات الشعب، وضمان ممارستها بشكل لا تشعر قومية معينة أو أقلية قومية أو دينية بالغبن والاضطهاد.
6 -
حقوق الإنسان العمود الفقري للحرية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية وصيانة هذه الحقوق قانونيا، وضمان حقوق الأسرة والأمومة والطفولة وحمايتها ومعاقبة الجناة الذين يعتدون على المرأة بالضرب والإغتصاب والقتل.
7 - ا
لحقوق العامة للطفل وحمايتها ، ومنع حبس الأطفال وتعذيبهم وإعدامهم.
8 -
حريه تشكيل تنظيمات سياسية تمارس عملها السياسي طبقا للدستور الذي أقره الشعب
9 -
سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء محددة طبقا للدستور.
10 -
حرية تشكيل نقابات تدافع عن حقوق العمال والفلاحين والكتاب والصحفيين والطلبة والموظفين والعاطلين عن العمل طبقا للدستور.
11 -
توفير العدالة لضحايا الجريمة وحمايتهم بموجب القانون، ومنحهم الحق باللجوء إلى المحاكم.
12 -
عدم جواز ملاحقة المعارضين السياسيين والمواطنين بسبب معارضتهم وآرائهم وعقائدهم ودفاعهم عن حقوق الإنسان ومطالبتهم بالإصلاح.
13 -
إلزامية التعليم للمواطنين في المراحل الأولى من المدرسة، ودعم وحماية المؤسسات التعليمية وحرية البحث العلمي.
14 -
حرية الحركات والمؤسسات الفكرية والثقافية والعلمية والاجتماعية والتربوية والخيرية الرسمية والشعبية، لتقوم بنشر الثقافة حول القضايا المصيرية لبلورة الوعي الوطني والأجتماعي لدى الجماهير.
والغريب اننى وعند مراجعتى لتلك المبادئ السابقه لم اجد بها ما يمكن ان يدل على تلك الاتهامات الشديد والخوف الغريب لدى البعض من الديمقراطيه .
فترى ما هو السبب الحقيقى وراء خوف البعض من الأخذ بالديمقراطيه كنظام سياسى يراعى حقوق كافة مواطني الدوله فى العيش الكريم ؟
ولقد توقفت كثير أمام السؤال السابق ولم اجد له اجابه مقنعه

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

وادى كركر

يقع وادى كركر على بعد 9 كم جنوب السد العالى وعلى 3,5 كم من شواطئ بحيرة السد
ومنذ ان بداء الحديث فى اوائل 2009 عن عزم الحكومه اعادة توطين النوبيين بوادى كركر ترددت الكثير من التساؤلات عن مدى صلاحية تلك المنطقه للتعمير ؟ فظهرفى شهر مارس 2009 تقرير للدكتور كمال ابو المجد (الأستاذ المساعد بكليه العلوم – جامعة جنوب الوادى ) يؤكد عدم صلاحية تلك المنطقه للسكن والزراعه واستند د.كمال فى تقريره على مجموعه من المحاذير العلميه توضح خطورة التوطين فى تلك المنطقه وخلص الى نتيجه انقلها كما هى وهى ( خلاصة القول من وجهة نظر الكاتب أن المشروع المقترح لإعادة توطين أبناء النوبة في وادي كركر سوف يؤدي إلي زيادة مخاطر التلوث في بحيرة ناصر بصورة مؤكدة قد تفشل معها أي جهود للمعالجة من جهة كما فيه إجحاف
بحقوق النوبيين من جهة أخري. وأري أن أفضل الأماكن لإعادة التوطين هي المناطق الشاطئية حول بحيرة ناصر جنوب كلابشة حتى أدندان.) . أعقبه مباشرة تقرير من ذات الكليه (كلية العلوم جامعة جنوب الوادى ) يكذب تقرير د.كمال ابو المجد ويؤكد ان المنطقه امنه وصالحه لأقامة مشروع توطين النوبيين . وعلى الرغم من تضارب التقارير فقد اعلان محافظ اسوان عزم الدوله المضى فى تنفيذ المشروع بل وحاول وبالتنسيق مع رئيس النادى النوبى بالقاهره عقد لقاء مع النوبيين بالقاهره لشرح الوضع لهم
ولكن النوبيين قابلوا الموضوع بالرفض ونظموا وقفه اعتراضيه على سلالم نقابة الصحفيين فى30 ابريل 2009 لأعلن رفضهم للمشروع وتمسكهم بالعوده الى مناطقهم الأصليه على ضفاف البحيره فتم التراجع عن الموضوع واعادة البحث فى البدائل الممكنه لتنفيذ العوده .
ثم وفى اغسطس2009 فؤجى الجميع بقيام بعض القيادات التنفيذيه والحزبيه من النوبيين فى اسوان بالتوقيع على محضر بالموافقه على اقامة مساكن تعويضات المغتربين فى وادى الأمل وذلك لعدم صلا حية وادى كركر وانهم
لايوجد اى مطالب اخر للنوبيين بخلاف المساكن المزعم انشائها بوادى الأمل حسب ما جاء فى المحضر وأعترض الكثيرين على ذلك المحضر وأعتبروه محضر للتفريط فى الحقوق المشروعه لأنه ينهى المطالب النوبيه ببيوت المغتربين فى الأمل .
والغريب والمثير للدهشه انه لم يكد عام 2010 يبداء حتى عاد المسؤلين الحكوميين الى الحديث عن وادى كركر .واكثر ما يثر الدهشه انه لم يعترض احد على هذا الأعلان سواءَ ممن وقع على محضر اغسطس او ممن اعترض عليه ثم قام وزير الاسكان فى شهر مارس 2010 بوضع حجر الأساسى للمشروع واعلن ان الحكومه ستراعى عند البناء ان تكون المنازل مطابقه للنمط المعمارى الذى ألفه النوبيين .
ولم يتكلم احد عن صلاحيه او عدم صلاحية تلك المنطقه حتى جاء يوم 10 يوليو 2010 لتطالعنا صحيفة اليوم السابع بتصريح للدكتور ممدوح حمزه المهندس الأستشارى العالمى يعلن فيه صلاحيه وادى كركر للسكن واحتوائها على مساحة عشرة الاف فدان صالحه للزراعه وانه تعتبر احد المناطق المناسبه لتوطين النوبيين وبالأضافه الى اماكن اخرى مثل (وادى الأمل – جرف حسين – كلابشه – السياله – عمده – السبوع – خور قندى ) وهى نفس المناطق التى يطالب النوبيين بها .

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=256122&
ثم وفى اوائل شهر اغسطس الماضى يفاجئ الجميع بقيام وزير الأسكان بزياره تفقديه لمشروع كركر بناءاَ هلى تعليمات من الرئيس الذى يضع حل مشاكل النوبيين على رأس اهتماماته حسب ما ورد بالصحف وخاصةَ الأهرام http://www.ahram.org.eg/254/2010/08/10/27/33303.aspx
والمفاجأه هنا ليست فى التصريح فما اسهل اطلاق التصريحات والوعود التى لاتعدو ان تكون فى اغلب الأحيان بلا قيمه تذكر ولكن المفاجأه والدهشه فى توقيت الزياره فى أغسطس حيث الحراره الشديده وصيام رمضان وذلك الزخم الأعلام الكبير . المهم تمت الزياره وصفق المصفقين وهلل المهللين وعاد الوزير الى القاهره لنفاجئ به يصرح لجريده اليوم السابع بعد بضعة ايام من الزياره المكوكيه( بعدم صلاحية اراضى وادى كركر للزراعه وبأن وزارة الأسكان بتخصيص اراضى اراضى اخرى للزراعه بالقرب من المشروع حتى يعمل اهالى النوبه بها ) حسب ما ورد بالجريده .
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=267172&
وحقيقةَ فأننى لااجد أى تعليق مناسب للرد على هذا التصريح المستفز ولكنى عوضا عن التعليق سأقوم بعرض بعض الصور التى التقطت للزياره المكوكيه بواسطه أحد الأصدقاء اثناء قيامه بتغطية الزياره  . وايضا ثلاثة مقاطع فيديو تصور رحله قام بها نفس الصديق الى موقع المشروع يوم 12 ستمبر2010
وبصراحه الصوره والفديوهات كافيه للحكم على المشروع ولن اعلق عليها فهى تشرح نفسها .





<








الأحد، 12 سبتمبر 2010

مائة عام من الأحزان النوبية


من كتيب تم إعداده بواسطة مجموعة من النشطاء في العمل النوبي العام
جغرافية المنطقة النوبية
في مطلع القرن العشرين كانت بلاد النوبة تتكون من 39 قرية على امتداد 350 كيلومترا جنوب أسوان حتى خط عرض 22 (وادي حلفا) على ضفتي النيل شرقا وغربا .
وتتكون القرى النوبية من مجموعات متباعدة من المساكن تفتح أبوابها على نهر النيل، وامتدت تلك المساكن في نجوع بلغ مجموعها 535 نجعا
وتميزت مساكن النوبة عن غيرها من المساكن بالمناطق الأخرى في عدة وجوه أهمها ارتباطها باختيار أماكن البناء على مستويات الأرض ذات الطبيعة الصخرية، إذ تتدرج الأراضي في الانخفاض من الشرق والغرب نحو النيل، فكان من الطبيعي أن تجد غرف البيت الواحد على اتساع المساحة المقامة عليها تتفاوت في ارتفاعاتها ليسمح بوجود تيارات هوائية، ويبلغ ارتفاع الجدار حتى أربعة أمتار، ونظرا لطبيعة المناخ الجافة الحارة فإن العمارة النوبية تواءمت مع البيئة وتميز هذا التشييد بوحدة أساسية هي الحوش السماوي الذي تفتح عليه حجرات البيت.


إنشاء خزان أسوان (1902م) :عند انتهاء بناء خزان أسوان عام 1902 ارتفع منسوب المياه خلف الخزان إلى 106 أمتار ليغرق مساكن وأراضي زراعية وسواقي ومزروعات ونخيل وأشجار عشر قرى نوبية هي : دابود ودهميت وأمبركاب وكلابشة وابوهور ومرواو وقرشة وكشتمنة شرق وغرب وجرف حسين والدكة ، (مرجع 4 ص 23) . واجهت تلك القرى العشر آثار بناء الخزان وحدها دون أن تنال اهتماما رسميا أو إعلاميا في ذلك الوقت .

التعلية الأولى للخزان (1912م) :


لم تلتئم بعد جروح أبناء النوبة من أثر بناء الخزان، فإذا بكارثة التعلية الأولى للخزان تتسبب بطوفان جديد عام 1912، ليرتفع منسوب مياه الخزان إلى 114 مترا ويتسبب في إغراق ثماني قرى نوبية أخرى هي قورتة والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترومة. ومرة أخرى استخفّت الدولة بآلام النوبيين وكارثتيهم، ولم ينصف أحد هؤلاء النوبيين المنكوبين وكأنهم خارج نطاق المواطنة، كما لم تتناول وسائل الإعلام كارثتهم وما حل بهم، حتى السياسيون والأحزاب المختلفة في ذلك الوقت لم يلتفتوا إلى تلك الكوارث التي تحل بالنوبيين جنوب مصر .

التعلية الثانية عام 1932م:
النوبيون الذين فقدوا كل ما يملكون من حطام الدنيا وأصبحوا منكوبين قولا وفعلا، فاجأتهم التعلية الثانية للخزان عام 1932 فأغرقت مياهها هي الأخرى عشر قرى نوبية هي المالكي وكروسكو والريقة وأبوحنضل والديوان والدر وتوماس وعافية وقتة وأبريم وجزيرة أبريم، بينما أضيرت بقية القرى النوبية الإحدى عشرة الأخرى وهي عنيبة ومصمص والجنينة والشباك وتوشكى شرق وغرب. حينئذ ارتفع أنين النوبيين بالشكاوي. وبعد أكثر من ثمانية عشر عاما من بناء الخزان،

بنود مجحفة ونخطي إجراءات قانون نزع الملكية

أصدرت الدولة القانون رقم 6 لسنة 1933 الخاص بنزع ملكية أهالي النوبة وتقدير التعويضات اللازمة لمواجهة كوارث أعوام 1902 و 1912 و 1932، إلا أن القانون حفل ببنود مجحفة في حق النوبيين، منها ما تم رصده في مذكرة النادي العربي العقيلي عن تعويضات منكوبي خزان أسوان والتي أرسلت إلى مجلس الشيوخ بتاريخ 16 صفر 1363هـ 12 فبراير 1944 ميلادية
وقبل أن نبين لحضراتكم الأساس الذي قام عليه تقدير التعويضات، نرى أنه لابد من ذكر القانون رقم 6 لسنة 1933 الذي لجأت إلى إصداره حكومة ذلك العهد متخطية الإجراءات العادية التي ينظمها قانون نزع الملكية العام، وذلك لحاجة في نفس أعضائها. وقد أبان عنها معالي شفيق باشا وزير أشغال ذلك العهد عند عرض ذلك القانون على مجلس الشيوخ بجلسة 29 فبراير سنة 1933 إذ قال معاليه "أنفقت مصر الملايين على إنشاء خزان أسوان وتعليته وكل حضراتكم متشوق إلى زيادة المياه وآمالنا الآن الطريقة لتخزينها فلو أننا انتظرنا خمس سنوات حتى تتم إجراءات نزع الملكية بالطريق العادي لحرمنا إذن مصر من المياه حرمانا مادياً بدون مبرر.
فاتباعنا القانون العادي في إجراءات نزع الملكية هو حرمان مصر من المياه طول هذا الزمن.. وإذا مكننا القانون المذكور من وضع اليد في الحال على الأطيان فانه لا يمكن لا للقضاء ولا للخبراء ولا أصحاب الشأن من معرفة معالم الأرض بعد غمرها في نوفمبر المقبل".
فرد عليه شيخ أغضبه تبرير الوزير لهذا القانون قائلاً "أين كنت مدة الثلاث السنوات الماضية حينما تقررت التعلية؟ لم لم يعمل هذا من قبل وهل تنطبق السماء على الأرض لو أجلنا إملاء الخزان للمنسوب الجديد سنة أخرى وقد مضى علينا ثلاثون سنة على هذه الحال؟"

التعسف في تطبيق القانونوالقانون المذكور قضي بنزع ملكية المناطق المنكوبة "النوبية" بأجمعها ولم يترك للمنكوبين فرصة للمعارضة في تقدير التعويضات إى فرضتها الحكومة تعسفاً إلا مدة 15 يوماً وهي مدة قصيرة لم يتمكن إلا الكثيرون خلالها من الاطلاع على مقدار تعويضاتهم هذا فضلاً عن جهل أغلبية الأهالي بطرق المعارضة في التقدير حتى أن الكثيرين منهم لم يعلموا بذلك الطريق القانوني للمعارضة إلا بعد فوات ميعادها

توازى سلسلة المظالم على النوبيين مع تعويضات هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع. ولنبين فضيحة تلك التعويضات نقرأ ما كتبه الأستاذ محمد مراد سنة 1947 ميلادية ( ألقى المغفور له الأستاذ عبد الصادق عبد الحميد بياناً في مجلس النواب أثناء نظر ميزانية وزارة الأشغال سنة 1936 دلل فيه على أن التعويض مع كثير من التساهل والتجاوز كان يجب أن يقدر بمبلغ 3600000 ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه، على حين أن الحكومة قدرتها بمليون وسبعمائة ألف ثم خصمت منها حوالي نصف مليون بأساليب جهنمية ولا يزال من هذا المبلغ بقية في ذمة الحكومة إلى اليوم وذلك بفعل موظفيها الذين يريدون التنزه كل عام في بلاد النوبة وجوها البديع في الشتاء مع التمتع ببدلات السفريات).
ولنبين كيف يستهين الموظفون بالنوبيين ولا يعتبرونهم مواطنين مثلهم، نستمر في نقل ما كتبه الأستاذ محمد مراد، فحين قرر وزير الأشغال عام 1944 توزيع 406 فدان على بعض المنكوبين النوبيين في ناحية القرنة البعيرات اعترض الموظفون وكتبوا مذكرة قائلين فيها (أن هذه الأطيان أجود من أطيان بلاد النوبة وأن التعويض يجب أن يكون مماثلاً). هذا هو أسلوب موظفي الحكومة كباراً وصغاراً تجاه النوبيين الذين ضحي بهم في سبيل عموم مصر، لم يقدر مسئول منهم أن هؤلاء البشر أخرجوا من ديارهم وأوطانهم وأنهم في حالة بائسة.
هذه المظالم تم تجاهلها من قبل أصوات كانت تنادي آنذاك بالاستقلال والحرية والمساواة لمصر، مما زاد من المرارة والشعور بالهوان لدى النوبيين. مع التجاهل التام من قبل

المطالب النوبية في البرلمان


وإزاء تلك المحنة، انتقل النوبيون إلى سفوح الجبال ليبنوا مساكن لهم على طول نهر النيل، فاستنزفت تلك المساكن الجديدة أكثر مما أخذوه من تعويضات سخيفة مقابل أراضيهم ومساكنهم الأصلية التي غرقت. وفي عهد حكومة مصطفي النحاس عام 1936

كان أول مطلب للنوبيين حمله نائب النوبة في البرلمان: عبد الصادق عبد المجيد بعد الانتخابات، هي أعاده النظر في التعويضات التي صرفت للأهالي ومنح أبناء النوبة أراضى صالحة للزراعة شمال أسوان وجنوب قنا بدلا من الأراضي التي أغرقها مياه الخزان؛ والجدير بالذكر أن مصطفي النحاس قال عند إلقائه خطاب العرش في تلك الدورة البرلمانية (وستعمل حكومتي على إقامة مشروعات للري في بلاد النوبة تعويضا عما فقدوه وتقديم كافة الخدمات لأهلها).

ونتيجة لشعور النوبيين بتشعب مشكلتهم وأهمية منطقتهم وحيويتها لأمن وادي النيل الإستراتيجي وخاصة لمصر وضرورة أستقرارها؛ تقدم النائبان النوبيان في البرلمان عام 1947:سليمان عجيب وشاهين حمزة باقتراح مشروع ربط سكة حديد مصر والسودان بتكلفة 4 مليون جنية، ولم تأخذ الحكومة هذا الاقتراح بمحمل الجّد؛ وهكذا تم فصل السودان عن مصر كما هو معروف فيما بعد.
تغيرت البيئة النوبية نتيجة لزيادات منسوب النهر المتتالية فتحولت إلى بيئة تنتشر فيها الأمراض والأوبئة مثل التيفود والدفتريا والحمى والملاريا والبلهارسيا، وهلك الكثير من النوبيين نتيجة سوء التغذية وانعدام الخدمة الصحية،


ظلم البيروقراطية عام 1960:
ومرة رابعة، بدأت بشائر طوفان جديد، ففي بداية عام 1953 بدأت الدولة تجري دراسات حول مشروع السد العالي من كل جوانبه الهندسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي إطار تلك الدراسات أجرت وزارة الشئون الاجتماعية مسوحات سكانية واجتماعية للنوبيين عام 1960 يتضح منها الآتي:
• إجمالي تعداد النوبيين 98609 نسمة (ثمانية وتسعون ألفاً وستمائة وتسعة)
• المقيمون منهم 48028 نسمة (ثمانية وأربعون ألفاً وثمانية وعشرين)
• والمغتربون سعيا وراء توفير لقمة العيش 50581 نسمة (خمسون ألفاً وخمسمائة واحد وثمانين)
• أما عدد الأسر المقيمة بالنوبة فبلغت 16861 نسمة (ستة عشر ألفاً وثمانمائة واحد وستون)
• الأسر المغتربة 8467 نسمة (ثمانية آلاف وأربعمائة سبعة وستون)


دراسة مستقبل المنطقة

ثم تشكلت بعد ذلك لجان لمواجهة الآثار الجانبية لمشروع السد العالي، ودراسة مستقبل المنطقة بقراها التسع والثلاثين وسكانها المائة ألف وما يملكون من أراضي زراعية ومساكن ومواشي وحياة استمدت كينونتها مقبل التاريخ بآلاف السنين. بلاد مترعة بالتراث النوبي الحافل بالعديد من الحضارات التي عاشتها المنطقة منذ العصر الحجري وحتى الآن كما بينا سابقا .

وباستقراء الإحصاءات السابقة يتضح أن نسبة الأسر النوبية التي تعيش بعيدا عن موطنها نتيجة لإفقار المنطقة من أثر بناء الخزان وتعليتيه بلغت 5ر33% هاجرت بالكامل وأن 5ر28% من الأسر هاجر بعض أفرادها. كما تبرز إحصائية وزارة الشئون الاجتماعية أن نسبة السكان النوبيين من ذوي المهن بلغت 23% من إجمالي تعداد النوبة، في حين نجد أن نسبة 7ر26% من ذوي المهن في مصر عموما في ذلك الوقت،


توزيع نسب النوبيينوتتوزع نسبة النوبيين من ذكور وإناث على المهن على الوجه الآتي
:
خدمات صناع نقل محاجر زراعة إدارية وكتابية تجارة مهن علمية النوع
9,8 5 4,6 - 71 3,3 3,1 3,2 ذكور %
2,1 1,4 - - 96 - - - إناث %
7 3,6 2,9 - 80,3 2,1 2 2 تعداد مصر

ويتضح من الجدول السابق أن نسبة المشتغلين بالزراعة من النوبيين أعلى من النسب على مستوى الجمهورية. والغريب أن نسبة المهاجرين النوبيين من قراهم المشتغلين بالزراعة لم تزد عن 1% من إجمالي النوبيين العاملين بالزراعة. (مرجع 4 ص55). هذه الملاحظة تدحض الكثير من المزاعم التي روجها المغرضون في السابق والحاضر من أن النوبيين لم يشتغلوا بالزراعة. فهذه الإحصاءات بينت أن النوبيين فلاحون أصلاً، وأن ضياع مهنة الفلاحة منهم سببها غرق أراضيهم وفشل المسئولين في إدارة عملية التهجير وعدم تفكيرهم في إعداد النوبيين لبيئتهم الجديدة.

وليداري الموظفون فشلهم، اخترعوا الأكذوبة التي روجوها بأن النوبيين غير مزارعين وفاشلين في فلاحة أراضيهم التي تسلموها في التهجير. والفاشلون هم، والكاذبون هم.

صدمة التهجير 63/1964:واصلت الدولة تنفيذ مشروع السد العالي، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، أما النوبيون كبشر ومواطنين وهم الذين تعايشوا مع هذه الآثار فجاء حظهم العاثر في ذيل اهتمامات الدولة والمجتمع الدولي، فتم ترحيلهم على عجل إلى هضبة كوم أمبو وإسنا، إلى منطقة لا نهر فيها ولا إرث ولا تراث. بقي معهم ما حمل وجدانهم من عشق لوطن فقدوه تحت مياه السد العالي. تم ترحيل النوبيين دون ما أية دراسات تأخذ في الاعتبار آدميتهم وتاريخهم ونضالهم وتضحياتهم في سبيل الوطن.

هكذا تم ترحيلهم عشوائياً وفقا لجدول زمني مختزل سريع، رغبة في إخلاء بلاد النوبة قبل 15 مايو 1964 موعد تحويل مجرى نهر النيل، فترك معظم النوبيون الكثير من متاعهم في الوطن المهجور وحشروا في صحراء كوم أمبو وإسنا في مساكن خالفت المساكن التي ألفوها وخلافا للمسكن النموذجي الذي وعدوا به وشاهدون قبل عملية التهجير. بالإضافة لعدم تواجد مياه صالحة للشرب ولا كهرباء، مع استحالة تربية مواشي وطيور وهي تمثل أهم عناصر الحياة والدخل بالنسبة للمواطن النوبي المزارع؛ وبالتالي تعذر نقل هذه الحيوانات معهم إلى المهجر الجديد؛ في حين ان إخوانهم النوبيون السودانيون وأبناء عمومتهم فعلا لا قولا أثناء هجرتهم إلى خشم القربة(مهجرهم الجديد) خصصت الحكومة السودانية لكل قطار مصاحب لأفواج المهاجرين طبيبا بيطريا لرعاية حيواناتهم الزراعية.
المشاكل والابتلاءات المصاحبة للتهجير

تكررت مأساة أشد هولا مما حدث من ربع قرن مع بلاءات خزان أسوان، فلا المساكن الجديدة استكملت ولا الأراضي الزراعية استكمل استصلاحها ولم تسلم للنوبيين إلا بعد مرور من أربع لخمسة سنوات، وأصيب الأطفال بنزلات معوية وفقد الكثير منهم حياتهم، والشيوخ أصيبوا بالاكتئاب نتيجة اختلاف المناخ وصعوبة ملاءمة المنطقة لأسلوب ونمط معيشة النوبي فمات منهم الكثير.

عذر أقبح من الذنب
كانت حجة الحكومة بموظفيها والتي حاولت لجنة تقصي الحقائق المنبثقة من مجلس الأمة في مضبطة 5 يناير 1970 ملحق 6، أن ضخامة المشروع السبب في كل العيوب مع عامل الزمن وضيق الوقت. نفس الحجة التي هي أقبح من ذنب، والتي ادعاها وزير الأشغال مجلس الشيوخ بجلسة 29 فبراير سنة 1933، أي قبلهم من سبعة وثلاثين عاماً كاملة. ومازالت التبريرات غير المقبولة مستمرة ومازالت الاستهانة بالنوبيين قائمة.

يقول إبراهيم عبد الرسول (مرجع رقم 1 ص 39) (الشئون الاجتماعية تصرف مبلغ ثلاثة جنيهات كمعاش شهري للأسرة النوبية المهجرة، هذا المبلغ لا يكفي لتغذية ما لدى الأسرة من ماعز وأغنام، حيث وصل سعر ربطة البرسيم في ذلك الوقت عشرة قروش).


الشروط المبرمة مع الدولة
ارتضى النوبيون بالهجرة إلى كوم أمبو وإسنا وفقا لشروط أبرموها مع الدولة تتلخص في أرض زراعية بالنوبة مقابل أرض زراعية بالمهجر ومسكن في النوبة مقابل مسكن بالمهجر، طبقاً لما شاهدوه وعاينوه قبل الهجرة في أسوان كمسكن نموذجي. وبناء على تلك القاعدة القانونية قرأ النوبيون كافة القرارات والقوانين التي صاحبت عملية التهجير، وعلى الأخص قرار رئيس الجمهورية بمرسوم القانون رقم 67 لسنة 1962 في شأن نزع ملكية الأراضي التي تغمرها مياه السد العالي، وكذلك القرار الوزاري الذي أصدرته الشئون الاجتماعية برقم 106 بتاريخ 24/9/1962 بشأن قواعد تعويض وتمليك إسكان أهالي النوبة. لكن التنفيذ جاء مخيبا لآمال النوبيين الذين ظنوا أن الدولة ستعاملهم معاملة صغار المزارعين أو شباب الخريجين أو حتى المعدمين الذين تم تعويضهم في مديرية التحرير والنوبارية، وهؤلاء لم يكونوا يملكون إرثاً ولا وطناً ضحوا به مثلما ضحى النوبيين.

لم يتسلم النوبيون مسكناً وخمسة أفدنه وحيوان زراعي لبدء حياة جديدة وكريمة، أسوة بالمعدمين الذين لم يضحوا ولم يعانوا مثلما عانى النوببيون.

جسامة الغبن الذي وقع على النوبيين
ولكي ندرك حجم الإجحاف والظلم الذي وقع على النوبيين المصريين، دعونا نلقي نظرة سريعة مقارنة لما حدث للنوبيين السودانيين الذين هُجروا من قرى وادي حلفا إلى منطقة التهجير الجديدة (خشم القربة) حتى نتبين جسامة الغبن الذي وقع على النوبيين المصريين. ترى ماذا فعلت الحكومة السودانية لتهجير النوبيين هناك؟ في خشم القربة المسكن مساحته 350 متر مربع إضافة إلى حديقة صغيرة أمام المسكن وحظيرة للبهائم. لكن في كوم أمبو وإسنا (مصر) أكبر مسكن مساحته 150 متر مربع بلا حديقة ولا توجد حظيرة للبهائم . والنوبي السوداني يحصل على مسكن بصرف النظر عن كونه مقيما أو غير مقيم. بالنسبة للنوبي المصري المسكن للمقيم فقط أما المغترب –أطلقت الحكومة هذا المسمى لغير المتواجد في قريته النوبية أثناء الحصر، بسبب بحثه عن الزرق بعد أن أغرقت الحكومة أرضه- فلم تبن لهم مساكن حتى يومنا هذا، أي بعد مرور أكثر من أربعين عاما على الهجرة، لم تنفذ الحكومة ما وعدت به النوبي المصري المغترب كما أطلقت عليه. وبالنسبة للأراضي الزراعية فقد كانت الحكومة السودانية رحيمة بالنوبيين حيث لم تكتف بقاعدة الفدان مقابل الفدان، بل أضافت لكل صاحب مسكن سواء كان مالكا لأرض زراعية أو معدما مساحة 15 فداناً (حواشة) وضعف المساحة للنوبي الذي يملك أرضا زراعية، أما في مصر فقد وزعت الحكومة على المقيمين ما سمي بفدان الإعاشة والذي مساحته الحقيقية من 14 – 18 قيراط للأسرة الواحدة. فما أشد الظلم والهوان المستمرين على النوبيين المصريين.
قانون مخالف للقواعد الدستورية

النوبيون المصريون يعتبرون أن القانون 67 لعام 1962 مخالف للقواعد الدستورية المعمول بها حيث أغفلت حق الاعتراض على التعويضات وهذا حق لكل مواطن طبقاً لقوانين الدولة. واشترط القانون المذكور أن يقدم الطاعن اعتراضه للجنة مشكلة من عضو مجلس الدولة بالإضافة إلى أحد موظفي المساحة، وهي نفسها الجهة التي قدرت القيمة النقدية للتعويض. أما القرار الوزاري رقم 106 لسنة 1962 والذي خصص المساكن في النوبة الجديدة للأسرة التي تتكون من زوجين ووالدين والأبناء والأحفاد في مسكن واحد (مادة 12)، وهذا يتنافى مع مفهوم الأسرة في المجتمع المصري حيث يعتبر أن الأسرة تتكون من زوجين وأطفال فقط. وينتظر النوبيون المصريون في إعادة المفهوم القانوني الأساسي لكل من القانون والقرار السابقين حتى لا يورثوا مرارتهم وضغينتهم للأجيال النوبية الشابة، ولاسيما وأن هذه الأجيال ليس لديها القدرة على الصبر والتروي في المطالبة بحق تجاهلته الدولة منذ أربعين سنة .

-إطلالة على تعويضات النوبيين:-

عند بداية عملية التهجير قدرت الحكومة قيمة التعويضات التي تصرف للنوبيين كالآتي :

النوع الوحدة العدد الثمن بالجنيه المصري
أطيان زراعية فدان 957ر15 720ر155ر2
نخيل واحدة 380ر044ر1 478ر973ر1
السواقي ساقية 064ر1 920ر20
المباني منزل 966ر35 700ر886ر1
هذه المبالغ الهزيلة تم تقديرها على أسعار عامي 1902و1912 وتم صرف نصف قيمتها عامي 63 و1964 دون أي مراعاة لفروق الأسعار والتضخم الذي صار مع مرور السنين، فهل يعقل أن تقدر ثمن النخلة بخمسين قرشا وأحيانا بعشرة قروش، وفدان الأرض بأربعين جنيها وأحيانا بعشرين جنيها، أما الغرفة المسقوفة في المسكن فقدرت بخمسة جنيهات فقط. هكذا أمر من بيده السلطة والتسلط وهي قرارت إذعان على مواطنين في حالة ضعف وضياع، وكما يقول الأستاذ إبراهيم عبد الرسول (مرجع رقم 1 ص97) النخلة في رشيد بثلاثة وأربعين جنيها وفي النوبة المصرية تساوي خمسون قرشا وفي النوبة السودانية فبخمسة عشر جنيها، علما بأن نوعيات البلح الإبريمي في مصر هو نفس البلح الإبريمي هناك. يذكر ماهر ذكي في كتابه إجمالي الميزانية التي تم صرفها في عملية التهجير في البنود الآتية:

بناء مساكن النوبة الجديدة 18450000 جنية
التعويضات للأهالي 200000 جنية
تكاليف حصر الممتلكات 462000 جنية
المساعدات والإغاثة 820000 جنية
النقل المائي 300000 جنية
النقل البرى 84000 جنية
المصروفات الإدارية 250000 جنية
تكاليف إصلاح 15 ألف فدان بكوم أمبو 4366000 جنية
الإجمالي العام 24932000 جنية


قيمة التعويضات اقل المصروفات الإدارية
وهذه الأرقام توضح بجلاء مدى الغبن الواقع على النوبيين؛ فقيمة تعويضاتهم النقدية أقل من المصروفات الإدارية التي لزم أنفاقها على إجلائهم إلى كوم أمبو واسنا!! بل نزيد ونقول أن جريدة الأهرام نشرت في عددها الصادر يوم 13 مارس 1963 ما يفيد أن التهجير ينحصر في المدة من الخامس من أكتوبر إلى السابع من مايو 1964 مع تصريحات جديدة مفادها أن تعويض أهالي النوبة عن غرق بلادهم تحت بحيرة السد العالي تبلغ 6ر5 مليون جنية ستصرف لعدد 16861 أسرة من الأهالي، وتوضح الجريدة بنود الصرف على النحو التالي: 25 ألف مسكن يقدر ثمنها بمبلغ 1ر9 مليون جنية؛ و15 ألف فدان من الأراضي الزراعية ثمنها 2ر2 مليون جنية؛ و1000 ساقية وبئر مياه شرب ثمنها 20 ألف جنية؛ ومليون نخلة ثمنها 2 مليون جنية. هذا ما كتبته الأهرام. وطبقا لهذه الوعود المجحفة فالمسكن ثمنه 75 جنية؛ والفدان ثمنه 110 جنية؛ والساقية والبئر 20 جنيها؛ والنخلة ثمنها 2 جنية. فأين العدل في تلك القيمة الظالمة؟ وهل تعاملت الحكومات المصرية على تعاقبها، هل تعاملت مع النوبيين على أنهم فعلاً مواطنين مصريين؟
وبناء على ما سبق فالواجب على الدولة أن تعيد فتح ملف قضية التعويضات الظالمة التي صرفت للنوبيين نتيجة الإجلاء الذي تعرضوا لها عامي 63 و1964. واجب على الدولة وحق لنا معشر النوبيين ولن نتنازل عنه.

2 – مشكلة الإسكان والسكان :
يتميز السكن في الموطن النوبي الأصلي بالحفاظ على العادات والتقاليد الاجتماعية التي يعتز بها النوبيون ومن أهمها التكافل الاجتماعي. والعمارة النوبية التي لخص فلسفتها شيخ المعماريين المهندس حسن فتحي بأنها "نظام حياة وليست إيواء" فالبيوت تطل على النهر العظيم، وفناؤها مكشوف إلى السماء ومزودة بحظيرة مستقلة للمواشي والطيور، والمسكن مقام على مساحة 350 – 500 متر مربع من خامات البيئة .
أما في المهجر فقد بنيت المساكن متلاصقة ضيقة وحشر فيها النوبييون، كما تخلل قراهم أسر غير نوبية مما ألغى الخصوصية النوبية وأسلوب التكامل الاجتماعي والأمني الذي توارثوه جيلا بعد جيل في النوبة الأصلية، بالإضافة إلى عدم استكمال المرافق اللازمة وعدم معالجة التربة غير الصالحة التي بنيت عليها هذه المساكن مما جعلها عرضة للانهيارات المتتالية، الأمر الذي تحمل معه النوبيون نفقات باهظة تزيد كثيراً عما تلقوه من تعويضات سابقة، لجعل تلك المساكن صالحة للسكن الآدمي ، (مرجع 4 ص 16). وهذا نفس ما حدث عند بناء الخزان عام 1902 ثم تعليته عام 1912 وتعليته الثانية عام 1932، ففي كل مرة يضطر النوبيون أن يبنوا بيوتهم أو يرمموها ينفقون أموالاً أكثر مما أخذوه كتعويض من الحكومات المتعاقبة.

ولتبيان حجم السكان في منطقة النوبة الأصلية قبل التهجير وبعده، نستعرض إحصائيات التعداد السكاني في المائة عام الأخيرة كي تتضح حجم المشكلة السكانية والإسكانية التي تعاني منها النوبة في الوقت الحالي
:(منهج ص19,30)
عدد الأسر النوبية نسبة الزيادة% حجم السكان المقيمين بالمهجر سنة التعداد
0 45.708 1882
3.5 61.839 1907
-0.6(سالب) 58.028 1927
15658 -2.2(سالب) 45.169 1947
14517 -2.3(سالب) 44.108 1960
31.341 11.3 154.023 1980(تقديري)
47.979 53 143.938 2000(تقديري)

تدهور مصاحب لتعليات الخزان

الملاحظة أن حجم السكان في بلاد النوبة تدهور في سنوات التعليات المتكررة لخزان أسوان إلى درجة انعدام الزيادة السكانية بل ونقصها في سنوات المحنة. وعند إجراء حصر لعدد المساكن في المنطقة عام 1962 قبل التهجير بلغ عددها طبقاً لتقديرات الحكومة حوالي 24 ألف مسكن، وقررت الحكومة حينذاك أن تبني في المرحلة الأولى 15.589 مسكناً بواقع 65% من العدد المطلوب و تم تأجيل بناء 8411 مسكناً في مرحلة تالية أطلق عليه إسكان المغتربين، وهي تسمية باكية مضحكة كما كان يراها أ/عبد الرحيم إدريس عضو مجلس الأمة في ذلك الوقت، هل أبجديات العمل الاجتماعي أن يسمى من ولد بمحافظة المنوفية و تمتلك أسرته مسكناً بالمنوفية ثم أنتقل إلى القاهرة للعمل أو خلافه، أن يسمى مغترب عن المنوفية !!!
مساكن معيقة للأمان والخصوصية
وهكذا تسلم النوبيون مساكن تم تصميمها و توزيعها بطريقة خيبت آمال الكثيرين، وصارت مصدرا للتوتر والمتاعب الكثيرة التي جسدت قضية من أهم القضايا التي واجهت النوبيين في منطقة التهجير. فمن وجهة نظر النوبة مثلاً أن المساكن متلاصقة تلاصقاً يعوق معه الأمان والخصوصية، وهما أمران لهما قيمة كبرى بين النوبيين في وطنهم الأصلي. علاوة على أن النوبيين لم يتعودوا على إشراك الحيوانات معهم بالمنازل. بالإضافة إلى أن بناء المساكن من الأحجار والأسمنت (خاصة بالسقف) مع قصر الجدران النسبي في مساحة المسكن أيضا، أثبت عدم الملائمة المعمارية مع الظروف الطبيعية والعادات الاجتماعية. مثلا حالات الأرامل أو المطلقات أو الشيوخ الذين كانوا يعيشون وسط أقاربهم و معتمدين على مساعدتهم وفقا لما تحدده التقاليد والأعراف، والذي وفقا للنظام الجديد اخذوا مسكناً ذو حجرة واحدة يقع بعيدا عن باقي مساكن الوحدات العائلية الأخرى ....
الحكومة تخل بالعهدعلماً بأن الحكومة بنت مسكناً قالت أنه النموذج للمساكن التي سيتم بناؤها في منطقة تهجير النوبيين، لكن في الواقع لم تف الحكومة ولم تبن المساكن للنوبيين حسب النموذج الذي بنته في أسوان ورآه النوبيون ووافقوا عليه، وبهذا أخلت الحكومة بوعد وميثاق آخر أخذته مع النوبيين.
وبعد مرور أربعين عاما من التهجير لم تف الدولة بما وعدت به من استكمال المرحلة الثانية من مساكن المغتربين إلا بنسبة 25% رغم ازدياد عدد الأسرة النوبية طبقا للجدول السابق، والذين لهم الحق في المأوى والسكن الملائم تعويضا عما فقدوه طبقا لمواثيق حقوق الإنسان، وهل كتب على النوبيين أن ينتظروا أربعين عاما أخرى لاستكمال تلك المرحلة الباكية المضحكة من خطة الإسكان ؟ وهل ستكتفي الدولة ببناء 8411 مسكناً طبقا لخطة 1960 أم ستراعي نمو عدد أفراد الأسرة المقيمة بالمنطقة والتي بلغ عددها ضعف الأسرة النوبية أثناء الهجرة على أقل تقدير؟
وما ذنب النوبيين إذا تقاعست الدولة عن أداء واجباتها نحو رعاية مواطنيها؟
ولمَ لم يتم بناء تلك المساكن في توقيتها المحدد؟
ومن المعروف أن النوبيين لديهم مفاهيم اجتماعية وتعاونية؛ أسسوا فيما بينهم الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لأبناء النوبة بالقاهرة الكبرى وأسوان؛ بهدف التغلب على المشكلة الإسكانية عامة وللقيام بجهد إيجابي، خاص في حل مشكلة إسكان المغتربين النوبيين بالمهجر؛ ولاسيما بعد أن تقاعست الدولة عن حل هذه المشكلة لمدة أربعين عاما الماضية وتفاقمت ولم يعد في مقدور النوبيين الانتظار لمدة أربعين عاما أخرى؛

المفاهيم الاجتماعية والتعاونية

تقدمت الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بمذكرة للعرض على وزير الإسكان بتاريخ 25/7/992 برغبتها في تعمير منطقة النوبة بأسلوب تعاوني. وافق الوزير على بنود المذكرة التي تقدمت بها جمعية الإسكان النوبية بنفس التاريخ وهى:
أ‌- بناء مساكن على الطراز النوبي وبالخامات المحلية لن تتعدى تكلفتها 12 ألف جنية
المسكن في المهجر يكلف الدولة 45 ألف جنية وتعرض سنويا لعمليات الترميم بتكلفة 5 ألف جنية‍‍
ب‌- يخصص خمسة أفدنه مستصلحة لكل مسكن.
ت‌- توفير قرض تعاوني 4 آلاف جنية لكل مسكن تقسط على 27 سنة ويسدد العضو مقدما مبلغ ألف جنية لجدية التعاقد.

ثم تقدمت الجمعية بمذكرة أخرى للعرض على الوزير بهدف تحديد مناطق الاستيطان النوبي حول البحيرة؛ ووافق الوزير بتاريخ 2/8/1993 على مناطق الاستيطان آلاتية:
 منطقة التكامل (أدندان وقسطل) شرق البحيرة.
 منطقة أبو سمبل (قرية السلام- بلانة) غرب البحيرة.
 منطقة توماس وعافية وعمدا؛ غرب البحيرة.
 منطقة كلابشة وجرف حسين؛ غرب البحيرة.
 منطقة وادي العلاقي والسيالة؛ شرق البحيرة.

وبناء على هذه الموافقة؛ تم تشكيل لجنة فنية من هيئة تنمية بحيرة السد العالي مع مجلس إدارة الجمعية ومهندسيها بزيارة تلك المناطق على الطبيعة وتحديدها على خرائط مساحية في يناير1994،
والعجيب أن هذه الزيارة تم الاتفاق الكامل مع هيئة تنمية البحيرة على كافة الخطوات التنفيذية للبدء في تنفيذ المشروع بعد أن تسدد الجمعية رسوما قدرها 100 ألف جنية لمجلس مدينة أبو سمبل؛ فاستبشر النوبيون خيرا وتحمسوا وقدمت الجمعية شيكا بالمبلغ المطلوب في حينه إلا إن كافة الأجهزة الحكومية تراجعت عن وعودها واتفاقياتها مع الجمعية ومستمرة في تجاهل الجمعية حتى الآن ‍‍!.


مساكن المغتربين
ولذلك فإننا نطالب الدولة بأن تبني ضعف ما سبق تقريره في تلك المرحلة وذلك ببناء 16822 مسكناً للمغتربين والأسر النوبية الجديدة التي تكونت أثناء تلك الفترة. ولا شطط في تنفيذ هذا المطلب فقد أعيدت بناء قرى بأكملها (12 ألف مسكن) في صعيد مصر خلال شهور قلائل للذين أضيروا من السيول في درنكة بمحافظة أسيوط . والمنطق يحتم بناء 17 ألف مسكن لمن أضيروا ببناء خزان أسوان والسد العالي أسوة بهم وعلى نفس درجة المواطنة في دولة واحدة، ويجب أن تكون هذه المساكن طبقا للنموذج الذي سبق وأن أتفق عليه عام 1960 بلا تعديل أو تغيير في المواصفات، وليست مسكن رأسية (شقق) كما يروج لها التنفيذيون حاليا. وإذ ما تعلل البعض بعدم وجود مساحات تكفي لبناء هذا الكم من المساكن، فنقول لهم أن مساكن النوبيين تبنى فى الأراضي المستصلحة بالنوبة الأصلية (قسطل وأدندان وأبوسمبل المعبد ومشروع توشكى) وأن تكون المساكن مصحوبة بعدد من الأفدنه المستصلحة تعويضا عن تأخير تسليم الأراضي وموردا للمعيشة وتعميرا للمنطقة .
هذا المطلب النوبي سوف يسد ثغرة واسعة أهدر فيها الملايين من الأموال العامة خلال العشرين عاما الماضية رصدت لبناء مساكن المغتربين ولترميم منازل التهجير بالإسناد المباشر لمقاولين وسرعان ما تتساقط مساكن ويعاد ترميمها في طاحونة جهنمية يضار بها النوبيون ولا يستفيد منها سوى المفسدون.

المساكن الرأسية غير مناسبةوالنوبيون يرفضون فكرة بناء مساكن رأسية لأنها لا تتناسب مع الطبيعة النوبية، كما أنها تخالف العقد القانوني التاريخي الذي تمت عملية التهجير عام 63/1964 على أساسه، ويعلنون براءتهم من أي نوبي ساهم أو وافق أو يوافق – مجاملة لأي مسئول كان - وروج لهذه الفكرة، ويؤكدون في نفس الوقت أن توزع 5 أفدنه لكل مغترب يسلم له مسكنه تعويضا له ومورد رزق له ولأسرته .

3-مشكلة الأرض الزراعية :

المجتمع النوبي القديم مجتمع زراعي يعتمد على الإنتاج الزراعي و الحيواني، ونتيجة لتعليات خزان أسوان انحسرت المساحة المحصولية من 25898 فدان عام 1929 إلى 13661 فدانا عام 1939 (مرجع ص 43). وبعيدا عن الإحصائيات الحكومية يقدر أ. إبراهيم عبد الرسول أن حجم الأراضي الزراعية ببلاد النوبة قبل التهجير بحوالي 75 ألف فدان، في حين أن تقدير وزارة الشئون الاجتماعية قبل التهجير أن حجم الأراضي الزراعية هو 15 ألف فدان، وزعت على النحو التالي:
منطقة الكنوز 2461 فدانا و منطقة الفادجة 11682 فدانا و منطقة العرب 3 (ثلاثة) أفدنه. هل يعقل أن منطقة وادي العرب و التي تضم 7 قرى لا تملك إلا ثلاثة أفدنه فقط؟ أي إجحاف هذا ؟!
ولن نستطرد في حجم الثروة الحيوانية من أبقار وجمال وأغنام وماعز أعدمت أثناء التهجير وبعده. لعدم وجودالحظائر الخاصة لتربية المواشي وعدم اعتبارهم إبقاء الحيوانات الزراعية داخل منازلهم و الذي يجافي أبسط قواعد سلوكياتهم وثقافتهم التي توارثوها عن الأجداد .


هذه الأسطر هي إيجاز لقضية النوبة والنوبيين، إيجاز بالضرورة مخل لأنه لن يبين مدى معاناة النوبيين على مدار القرن العشرين كله. لكن حسب تلك الصفحات أنها تكون مدخلاً لإلقاء الضوء على القضية النوبية عامة، وبعدها تكون التفصيلات.

المطالب النوبية:

1- تنفيذ حق العودة للنوبيين إلى موطنهم الأصلي حسب ما نصت عليها في بيانات حقوق الإنسان الخاصة بالشعوب القديمة والتي تم التصديق عليها دستوريا على أن تقوم الحكومة بوضع و تنفيذ خطة متكاملة بعودة من يرغب من النوبيين إلى منطقتهم.
2- إعادة فتح الملف الخاص بالتعويضات النوبية المجحفة.
3- نظرا لعظم الظلم الذي وقع على النوبيين فإنه يجب أن تتم معاملة النوبيين معاملة الأولى بالرعاية سواء في المخصصات المالية أو العينية طبقا لقول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أثناء زيارته لابو سمبل عام 1960 ....
4- الاهتمام بالثقافة النوبية والتراث النوبي في وسائل الإعلام المختلفة سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة..
5- تنمية المنطقة بشريا وإداريا وزراعيا وصناعيا حيث أنها منطقة واعدة.
6- مد خط سكة حديد لربط المنطقة النوبية جنوب السد بسائر عموم مصر والسودان مستقبلا.

السبت، 11 سبتمبر 2010

النوبه عبر التاريخ


(التعريف بالنوبة )أين تقع بلاد النوبة وماحدودها في مختلف العصور التاريخية .وما الأسماء المترادفة التي أطلقت عليها وعلي شعبها ومدلول تلك الأسماء .وما الجنس البشري وما الأطوار السياسية والدينية والاجتماعية التي مرت بها عبر تلك العصور المتعاقبة .وما الجنس البشري الذي سكن تلك البقعة من وادي النيل .وما علاقتة بفراعنة مصر والشعوب التي عاصرتهم علي في تلك الحقبة الزمنية.

أولا الموقع :تقع بلاد النوبة علي ضفتي نهر النيل جنوبا من مصر إبتداء من مدينة أسوان حتي أعالي النيل وقد تمتد إلي منابعة حسب تعريف العصور القديمة حيث عجز المصريين القدامي عن تحديد بقعة معينة كحدود جانبية لها في ذلك الزمن المبكر . وذلك لعدم إمكانية الإنتقالات حينذاك .
اما في العصور الحديثة فقد اقتصر إسم النوبة علي المنطقة الواقعة علي ضفتي نهر النيل فيما بين أسوان شمالا ومنطقة الدبة الواقعة في اقصي جنوب دنقلة جنوبا .وهذه المسافة تزيد عن ألف ميل طولا.

لكن تغيرت هذه الحدود في عصر الأستعمار .فبعد موقعة التل الكبير عام 1882 أحتل الإنجليز مصر ثم
السودان باعتبارة تابعا لمصر .وتلي ذلك قيام الثورة المهدية في السودان بقيادة المجتهد محمد أحمد المهدى والتي نجحت في طرد الإنجليز من السودان .ثم اتجهت شمالا لاستكمال تطهيربقية وادي أرض النيل من الإحتلال الاجنبي ولكنها هزمت في موقعة توشكي غرب الواقعة علي مسافة حوالي 250 ميلا من أسوان جنوبا وذلك في 3/8/1889م فاسترد الإنجليز السودان .
وفي عام 1899 عمل الانجليز علي فصل السودان عن مصر بوضع حدود جديدة بينها عند خط عرض 22شمالا والذى يمر علي مسافة حوالي 330 ميلا جنوبا من أسوان بين قريتي أدندان علي الضفة الغربية ليشطر بذلك بلاد النوبة غلي شطرين فوقعت قرية أدندان علي الحدود الجنوبية لمصر بينما وقعت فرس علي الحدود الشمالية للسودان . ومنذ ذلك الحين أنتسب كل شطر منها الي الدولة التي تتبعها .ونشأ بذلك لفظى النوبة المصرية والنوبة السودانية.


ثانيا: الأسماء المترادفة التي اطلقت علي النوبة عبر التاريخ كل منها يحمل معني وهذه الأسماء هي.
النوبة- كوش – اثيوبيا – تاستى أوتاكنس- مازوي – ارض المعدن وكلها مرادفة لاسم النوبة

النوبة: وهو الاسم الاصلي والشائع في جميع العصور التاريخية ومعناة الذهب باللغة المصرية والنوبية القديمة
والاسم علي مسمي حيث كانت بلاد النوبة منبعا لمعدن الذهب في قديم الزمان.
حيث كانت جبالا مغطاة بهذا المعدن النفيس.


كوش:
وهذا الاسم مرادف لاسم النوبة نسبة إلي كوشييم جد النوبة والنوبين وهو اخو مصراييم جد المصريين وكلاهما ولدا حام بن نوح علية السلام ، حيث استقر كوشاييم في النوبة بينما استقر مصراييم في مصر

أثيوبيا:وهذا الاسم أطلقة مؤرخو وجغرافيو الإغريق القدامى مرادفا لاسم النوبة .فالإغريق هم رواد الجغرافية والتاريخ .وهذا الاسم ثبت خطأة لان لفظ اثيوبيا يطلق علي الحبشة حاليا ويبدو انهم لم يكونوا يقصدون الحبشة كما ساء فهم الجغرافيين والمؤرخين المحدثين لان لفظ اثيوبيا في لغة الاغريق يعنى ذوي البشرة السوداء أو ذوى الوجوة السوداء وبذلك كانوا يقصدون باللفظ ارض السود وخاصة انهم لم يتح لهم الوصول الي الحبشة في ذلك الزمن المبكر حيث كانت وسائل الانتقالات معدومة.

تاستى أوتاكنس:وهذا الاسم يعنى ارض القوس أو أرض رماة القوس نسبة الي مهارة النوبين في استخدام القوس وقد ادرك الملك الفرعوني احمس (1570-1546ق.م) مؤسس الاسرة الثامنة عشر الفرعونية هذه الميزة في النوبيين فاستعان بهم في طرد الهكسوس من مصر . وهذه الصفة في النوبيين ادركها العرب المسلمون في صدر الاسلام عند محاولتهم فتح النوبة في القرن السابع الميلادي (640م) حينما واجهوا رماة النوبة المهرة في رمي الاقواس والنيل في حدقة العين ولا يخطئوا فأطلقوا عليهم رماة الحدق.

مازوى:وهذا الاسم أيضا من صفات النوبة ويعني الجندي باللغة الفرعونية وهو كتابة عن جنود النوبة

ارض المعدن :وهذا اللفظ اطلقة العرب علي النوبة وعلي رأسهم المؤرخ العلامة المسعودى صاحب كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهروالاسم كناية عن وجود معدن الذهب في النوبة.

أرض البقط:وهذا الاسم اطلقة العرب علي النوبة نسبة الي معاهدة البقط التي تمت بين العرب المسلمين والنوبة في القرن السابع الميلادي .




ممالك النوبه فى العصور القديمه


مملكة نبتا :
ظلت النوبة تلعب دورها الحضاري والسياسي والاجتماعي والديني في منطقة النيل الاوسط منذ أقدم العصور التاريخية فد تمتد الي اكثر من خمسة الاف عام فبل الميلاد الي ان قامت مملكة عرفت بمملكة نبتا نسبة الي عاصمتها مدينة نبتا بالقرب من مدينة دنقلة الحالية والتي اصبحت لها شخصية قوية ذات كيان سياسي وعسكرى واقتصادي في وادي النيل منذ نهاية القرن التاسع وبداية القرن الثامن قبل الميلاد
واصبحت لها قوة عسكرية ضارية بفضل زعمائها الاشداد مثل ملك الارار ثم الملك كاشتا ثم الملك بعنخى والاخير هو اقوي ملوك النوبة ومؤسسها الحقيقي الذي عمل علي ترصيد بلاد النوبة التي كانت من قبل عبارة اقطاعات .بينما اخذت مصر في طور الضعف والانحلال بعد زوال اسرة الرعامسة منذ الاسرة الواحد والعشرين (1085-950ق.م) حيث استولي عليها عناصر ليبية من المعروفين بالماشاوش بقيادة ملكهم شاشانق الاول . واللذين ظلوا يحكمون مصر من خلال الاسرات 21,22.23 حتى دبت الخلافات والنزاعات الهدامة بين امرائها
.وانقسمت خلالها الي اكثر من 21 ولاية أو امارة متنازعة .ولما بلغ الملك النوبى بعنخى خبر عن احوال مصر في ظل ملوكها الماشاوش والتي اصبحت بذلك مطمعا للدول الاجنبية اقسم بعنخي بحياة ابية وحياة الالهه آمون ان يضع حلا لتلك النزاعات الهدامة لكونة احق بحكم وادى النيل عن أولئك الدخلاء في وادى النيل وان يقيم امبراطورية بعد توحيد شطرى وادي النيل (مصر والنوبة)ليعيد بذلك امجاد اسلافة .فجمع جيشة واقتحم مصر من الجنوب فوقعت كل تلك الامارات المصرية
المتنازعة الواحدة تلو الاخرى تحت سلطانة حتى وصل الى اقصي شمال مصر واصبح علي مشارف مدينه اورشيليم (بيت المقدس ) حاليا فانتهز ملكها قربة منة فاستعان بة على من عادة من الاشوريين اللذين كانوا يستعدون للاستيلاء على املاكة.بعد هذا النصر العظيم للملك النوبى بعنخى نظم شئون الامبراطورية المصرية النوبية وكون الاسرةالخامسة والعشرين ضمن سلسلة الاسرات الفرعونية التي عرفت في المصادر التاريخية بالاسرة النوبية أو الاسرة الاثيوبية التي حكمت الامبراطورية لمدة خمسة وتسعون عاما (751-656ق.م)وقد عرف عصر هذه الاسرة بعصر اليقظة في وادى النيل .
هذا وقد خلف الملك بعنخي في حكم الامبراطورية المذكورة أولادة أولهم الملك شباكا (716-701ق.م) ثم الملك شبثاكا ثم الملك طهراقا (690 -664) ثم الملك تانوت أمون (663-656ق.م ) وهو آخر ملوك الامبراطورية النوبية المصرية والاسرة الخامسة والعشرين .وكان تظآمر بعض آمراء مصر بالاتفاق مع الاشوريين الطامعين في مصر سببا في انهيار تلك الامبراطورية
كانت مدينة منف في مصر الوسطي مقرا لحكم الاسرة الخامسة والعشرين النوبية .وكانت تتبادل معها في هذا الشأن مدينة طيبة (الاقصر حاليا)لكونها مقرا للمعبود آمون غله الامبراطورية .ولكن بعد انهيارها عادة مدينة نبتا أو نباتا مقرا للحكم للمرة الثانية وظلت حتي مطلع القرن السادس الميلادي او بعدة بقليل .وقامت في مصر الوسطي اسرة فرعونية جديدة بزعامة الملك بسمتك.الذي كون الاسرة السادسة والعشرين الفرعونية بعد رحيل الاسرة النوبية



مملكة مــــروى:بعد اضمحلال مملكة نباتا قامت علي إنقاضها مملكة نوبية آخرى عرفت بمملكة مروي التي عرفت باسم عاصمتها مدينة مروي الي الجنوب قليلا من مدينة نباتا أى بالقرب من الشلال الرابع وذلك في حوالي عام 350 ق.م والتي ظلت تؤدي دورها الحضاري بالنوبة ما يقرب من سبعمائة عام او يزيد قليلا (350-356) وقد عاصرت خلالها حكم البطالة في مصر(334-31 ق.م) ومن بعدهم الحكم الروماني في مصر ايضا (31ق.م-640 ق.م)وكان لها دور بارز في مقاومة التدخل الاجنبى في مصر وفي شئون النوبة من جانب البطالمة والرومان الذين كانوا يعتبرون النوبة السفلى منطقة نشر نفوذهم وبذلك قامت بين الطرفين عدة معارك حربية وكان من أهم مميزات الحكم المروي ظهور العنصر النسائي في الحكم حيث حكمها عشرون ملكة من جملة ملوكها البالغ عددهم ستون ملكا .وكان من ابرزهن الملكة رينسانس التي عرفت بالملكة كنداكة( وكنداكة هو اللقب الملكي لملكات المروي )والتي عاصرت اطمع الرومان في مصر العليا والنوبة السفلي حيث وقعت عدة معارك حربية بينهم وبين الرومان انتصرت خلالها (في عام 23 ق.م )في قرية الدكة التي كانت تسمي باسم بلسيكس .وتقدمت حتي مدينة طيبة الاقصر لكنها انهزمت في النهاية ثم انتصرت سياسيا حين ارسلت رسلها الي الامبراطور الروماني حيث تم الصلح بين الطرفين فنالت من خلالة حق النوبة.
وقد اضمحلت مملكة مروي هذه بعد أن بدأت المسيحية تنتشر في النوبة حيث هاجمها ملك أكسوم الحبشى وهزمها والقي بتماثيلها الوثنية في نهر النيل وقطع بذلك دابر الوثنية في بلاد النوبة في عام 356م


ممالك النوبة المسيحية
:بسقوط مملكة مروي الوثنية وانتشار المسيحية في وادي النيل قامت بالنوبة ثلاث ممالك مسيحية هي مملكة نوباديا ,مملكة مقرة ,مملكة علوة



مملكة نوباديا:
قامت هذه المملكة قديماً بين الشلالين علي النيل الاول والثاني .واتخذت عاصمتها نجراش وهي فرس الحالية التي تقع علي مسافة 320 ميلا تقريبا من اسوان جنوبا علي ضفة النيل الغربية والتي تعد اول قرية نوبية سودانية من الشمال حاليا .وان بادلتها احيانا قريتي كلابشة وابريم في الاهمية .وهذه المملكة لم تدم طويلا لاتحادها مع مملكة مقرة التي تليها من الجنوب


مملكة مقرة أو ماقرة المسيحية:
وهي المملكة النوبية الثانية من جهه الشمال وتبدأ بنهاية حدود مملكة نوباديا وتمتد حتي بلدة ابو احمد التى كانت انذاك تعرف بالابواب وعاصمتها مدينة دنقلة الحالية وقد كانت لهذه المملكة شأنا عظيما في العصور الوسطي ।وخاصة بعد اتحادها مع مملكة نوباديا المذكورة قبيل ظهور الاسلام وعرفت المملكة المتحدة باسم مملكة النوبة وظلت عاصمتها مدينة دنقلة .وهي التي شهدت ظهور الاسلام منذ نهاية القرن السادس ومطلع القرن السابع الميلاديين وواجهت الفتوحات الاسلامية في صدر الاسلام علي حساب الدول المسيحية المجاورة من اهمها مصر الرومانية .


ومن هذا المنطلق وقفت موقفا متشددا حين حاول المسلمون فتح بلاد النوبة في عام 20 م /640م بعد ان تم لهم فتح مصر । وقد استمرت المحاولة عشر سنوات (20م/640م-31م -651م)ذاق خلالها الطرفين معارك ضارية لم يشهدها المسلمون من قبل . حبث واجهوا مهارة النوبين في رمي القوس والنبل حتي فقد معظم محاربي المسلمين حدقات اعينهم في تلك المعارك ولذلك اطلقوا علي النوبين اسم رماة الحدق . وقد شهد احد قادة المسلمين ممن اشتركوا في تلك المعارك الضارية فقال (شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب فلم ار قوما أحد في الحرب منهم لقد رأيت أحد يقول للمسلم أين تحب أن أضع سهمي منك فربما عبث الفتى منا فقال في مكان كذا فلا يخطئة . فكانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرمي من نبلهم في الارض شيئ فخرجوا الينا ذات يوم فصادفونا ونحن نريد ان نجعلها حملة واحدة بالسيوف .فما قدرنا علي معالجتهم .رمونا حتي ذهبت الاعين فعدت مائة وخمسون عين مفقودة فقلنا ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وان نكايتهم لشديدة.فلم يصالحهم عمرو .ولم يزل يكالبهم حتى نزع وولي عبدالله بن سعد بن ابي صرح فصالحهم




معاهدة البقط:كان من نتيجة عجز المسلمين عن فتح بلاد النوبة ان عقدت بين الطرفين معاهدة عرفت بمعاهدة البقط تجلت فيها المساواة بين الجانبين ولذا تعتبر هذه المعاهدة بمثابة معاهدة اقتصادية أكثر منها عسكرية .فهي لم تكن بين غالب ومغلوب . فقد نصت علي ان تورد النوبة بموجبها 360 رأساً من الرقيق سنويا للمسلمين مقابل ذلك يورد المسلمون للنوبة بعض المحاصيل من المنتجات المصرية مثل القمح والشعير والزيت والاقمشة وخلافة .وبذلك تكون معاهدة البقط تمثل تبادل مصالح بين الطرفين .ولذلك ظلت اساسا للعلاقات بين مصر الاسلامية والنوبة زهاء سبعمائة عام (640 -13170) فهي اول وأطول معاهدة في تاريخ الفتوحات الاسلامية من حيث الكم والكيف لان المسلمين ما من دولة طرقوا ابوابها الا وفتحوها عنوة وفرضوا شروطهم الاسلامية من اهمها الجزية . هذا وقد سارت جميع الدول الاسلامية التي تعاقبت علي مصر الاسلامية في علاقتها مع النوبة طبقا لما نعت عليها معاهدة البقط منذ عصر الخلفاء الراشدين ثم العصر الاموي ثم العصر العباسى ثم العصر الفاطمي ثم العصر الايوبي واخيرا العصر المملوكي التي ساءت العلاقات بين البلدين خلالها


مملكة علوة النوبية المسيحية :
وهي المملكة النوبية الثالثة .وتبدأ حدودها بنهاية حدود مملكة مقرة النوبية المذكورة من الجنوب وتمتد حتي أعالي النيل وعاصمتها سوبا الي الجنوب قليلا من مدينة الخرطوم الحالية وبالرغم من ان هذه المدينة قد ذكر اسمها في معاهدة البقط المذكورة الا انها لم تكن لها علاقة مباشرة مع العرب المسلمين اللذين طرقوا ارض مملكة مقرة .ويرجع ذلك الي بعدها وان ورد قليل من اخبارها في العصر الفاطمي في مصر . حتي كان كان سقوطها في ايدي القوم اللذين عرفوا بالفونج منذ عام 1504 واللذين قاموا علي انقاضها مملكتهم التي عرفت بمملكة الفونج الاسلامية

مملكة بني الكنز الاسلاميهظهرت هذه المملكة عقب سقوط مملكة مقرة النوبية المسيحية في دنقلة نتيجة سوء العلاقات بينها وبين المماليك في مصر منذ عهد الملك النوبي داوود الاول (1272-1273م) الذي منع اداء البقط المقرر علي النوبة بل قام بغزو مصر من الجنوب مما دفع المماليك الي القيام بحملات عسكرية متكررة لردع ملوك النوبة حيث تم خلالها عزل اكثر من ملك نوبي واستبدالة بملك نوبي آخر طبقا للسياسة المملوكية في مصر حتي كان عهد الملك النوبي كرنبس (1312 -1317) وهو آخر ملوك النوبة المسيحية الذي تم عزلة وتنصيب ابن اختة المسلم المدعو شجاع الدين بن نصرالدين بن فخر الدين الذي ينتمي الي بني الكنز.
وكان الاخيرون (بنو الكنز) قد اقاموا مشيخة او امارة اسلامية داخل مملكة النوبة المسيحية متخذين وادي العلاقي في النوبة السفلي علي مسافة 110 ميلا جنوبا من اسوان مقرا لحكمهم وذلك منذ العصر الفاطمي في مصر (358هـ-969 م) وازدهرت امارتهم في تلك المنطقة نتيجة استغلالهم مناجم ذهب النوبة الي ان جاء صلاح الدين الايوبى الي مصر في عام (567هـ-1171م) وشتت شملهم نتيجة وقوفهم الي جانب الفاطميين في صراعهم ضد الايوبيين مما جعل بني الكنز ان يتوغلوا جنوبا الي قلب العاصمة النوبية دنقلة كما كان اشتراك هؤلاء الكنوز في الحملات المملوكية المتكررة علي النوبة كما سبق الذكر (كأولاء) بمسالك النوبة ودروبها مما ثبت اقدامهم في العاصمة النوبية حيث تصاهروا عن طريق التزاوج مع وجوه النوبة وخاصة مع الاسرة المالكة النوبية مما جعلهم يرثوا العرش النوبي ولاسيما ان نظام الارث في النوبة كان يعطي الحق لابن البنت وابن الاخت ان يرث جدة او خالة دون ولد صلب .كما كان المولود ينتسب الي امه وليس الي ابية. منذ عزل ملك النوبة المسيحي كرنبس وتعيين ملك كنزي مسلم في عام (717هـ -1317م ) علي العرش النوبي ،
بدأت النوبة تتحول الي الاسلام من الناحية الرسمية ،وتعاقب علي عرشها ملوك مسلمون من بنى الكنز حتي كان العصر العثماني في مصر منذ عام 1517م وبذلك تكون دولة الكنوز النوبية الاسلامية عاشت مائتي عام بالتمام (1317-1517م) وان كانت قد عمت خلالها الفوضي نتيجة النزاعات القبلية من جراء نزوح العديد من القبائل العربية المختلفة الي النوبة لمشاركة بنى الكنز في ملكهم فضلا عن الاطماع الخارجية لامتلاك بلاد النوبة . منها اطماع العثمانيين من الشمال واطماع الفونج من الجنوب وبذلك وقعت النوبة بين فكي كماشة كما يتضح مما يأتي



النوبة والاتراك والعثمانيين:كان سقوط مصر في يد الدولة العثمانية في عام 1517م بقيادة السلطان سليم الاول بعد تغلبة علي الدولة المملوكية التي كانت تحكم مصر إيذاناً بضم بلاد النوبة الي ممتلكات مصر العثمانية . وكان السلطان سليم الاول قد تنبه بمجرد ان وطأت اقدامة ارض مصر ان هناك منافسا آخر في ارض النوبة العليا يطمع هو الاخر في ضم بقية بلاد النوبة الي ممتلكاتة الا وهو الملك عمارة دونقس ملك مملكة الفونج الاسلامية الذي اقام دولته في النوبة العليا على انقاض مملكة علوة المسيحية منذ عام 1504م واتخذ عاصمته في مدينة سنار جنوباً من مدينة الخرطوم الحالية قليلاً.

ارسل السلطان سليم الاول جنودة البشناق (وهو تحريف للفظ البوسنة بالتركية ) الي بلاد النوبة في عام 1520 م لحماية حدودها الجنوبية وفي نفس الوقت كان جنود عمارة دونقس ملك الفونج متجهين شمالا لضم بقية بلاد النوبة الشمالية .والتقي الجيشان في بلدة تعرف باسم حنك في اقصي جنوب بلاد المحس قرب الشلال الثالث حيث وقعت معارك دامية بين الجيشين وانتهت بانتصار العثمانيين علي الفونج واقيمت بينهم معاهدة صلح اصبحت بموجبها مدينة حنك فاصلا بين النوبة العثمانية والنوبة الفونجية


.منذ ذلك الحين اصبحت احوال بلاد النوبة قائمة علي هامش التاريخ .اي ليس هناك تغيرات سياسية تذكر سوي صراعات قبلية بين العناصر النوبية الاصلية و للعناصر الداخلية المتمثلة في جنود العثمانيين البشناق وهم من البوسنة والهرسك الذين عرفوا فيما بعد بالكشاف .والاخرين كانوا يعتمدون علي السلطة العثمانية لكونهم جباة الضرائب من النوبيين لحساب السلطان العثماني وقد كانوا يستخدمون القسوة احيانا في هذاالشأن .
أما في النوبة العليا (الفونجية) حيث كان الصراع علي اشدة

بين اهل البلاد الاصليين الممثلة في بقايا كنوز دنقلة وهم بقايا ملوك النوبة من جهة والقبائل العربية النازحة الي هناك والمتمثلة في العبدلاب وغيرهم من جهه أخري وقد نتج عنها قيام مشيخات إسلامية عديدة مثل مشيخة العبدلاب الذين تحالفوا في اول الامر مع الفونج ومجموعة الجعليين ومجموعة الشايقية ومجموعة الركابية وغيرهم الذين انتشروا في اقاليم النوبة العليا بعد سقوط مملكتي النوبة المذكورتين
.


وهكذا ظلت بلاد النوبة علي هذه الحال الي ان جاء محمد علي باشا علي حكم مصر في عام 1805م وشرع في فتح بلاد النوبة العليا في عام 1821م التي اطلق عليها بلاد السودان في سجلات محمد علي وخلفائة وبذلك تكون جمهورية السودان الحالية جزء من بلاد النوبة القديمة بل وهي النوبة العليا واسم السودان هو اسم مستحدث في عصر محمد علي باشا ।وظهرت شخصيتها كدولة ذات كيان مشتعل منذ الاحتلال البريطاني لمصر في عام 1882م عقب موقعة التل الكبير وتبع ذلك احتلال السودان ايضا باعتبارة تابعا لمصر منذ الفتح المصرى له علي يد محمد علي باشا كما اسلفنا الذكر . وقد عمل الانجليز علي فصال السودان عن مصر
بعد هزيمة حملة دراويش السودان من الانجليز في موقعة توشكي في 3/8/1889 وتم لهم استرداد السودان مرة اخري في عام 1899م حيث وضعوا الحدود الفاصلة بين الدولتين (مصر والسودان) عند خط 22ْ شمالا والذي يقع بين قريتى ادندان وفرس النوبيين كما اسلفنا الذكر وبذلك اصبحت مدينة فرس سودانية وقرية ادندان مصرية