الاثنين، 13 ديسمبر 2010

كيف أختفى الحاج عبد السيد دون ان يشعر احد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



( الحاج عبد السيد بقالو 3 اشهر محدش عارف مكانه)
صعقت عند سماعى تلك الكلمه من صديق لى ولم اصدق ... ولكن وللاسف عندما تحريت عن الأمر فوجئت بصحته ... فالحاج عبد السيد مفقود منذ ان غادر فندق المحروسه بأسوان بتاريخ 7- 9 – 2010 .... فالخبر مذكور فى صحيفة اليوم السابع وصحيفة اسوان اليوم .... ووجدت الأخ وردى (مدير منتدى صوت النوبه ) يروى قصة اختفاء الحاج عبد السيد كما سمعاها من ابنته قائلآ :
قمت بالاتصال بابنة الحاج عبدالسيد وقصت لي الروايه بالكامل وهي أن الحاج عبدالسيد غادر فندق المحروسه بأسوان بتاريخ 7/9/2010 ومنذ هذا التاريخ اختفى ولايعلم اي شخص اين ذهب واين اختفى وبالاتصال بالارقام التي يحملها الحاج عبدالسيد عثر على شريحتين واحده في اقاليم اسوان والشريحه الاخرى وجدت في مواقف المكروباصات لكنها أكدت لي شيء غريب بأن والدها من المؤكد حصل له مكروه وهي متأكده لأنه كان يتعرض لمضايقات من قبل اشخاص في محل اقامته بالنوبه القديمه وأن اخيها ذهب الآن للبحث عنه في مكان اقامته ) ......
 ولكن كيف اختفى هذا الانسان النوبى الحقيقى الذى اعتبره وبحق راهبأ فى محراب النوبه ومناضل حقيقى أمن بأنتمائه للنوبه فذهب اليها ولم ينتظر ان تأتى هى اليه ...... لم يؤمن بغرق النوبه ولم يستسلم للمصير المفروض ... ومنذ التهجير وهو يحاول العوده إلى ارض الأجداد ... تقدم بطلب للعوده عام 1969 فقيل له ( أنتظر .. فالبلد فى حالة حرب ... ولا صوت يعلو فوق صوت المعركه ) فأنتظر حتى نصر اكتوبر ... وبعد الحرب حاول العوده وسعى إليها حتى سمع عن تكوين (جمعيه السادات النوبيه ) لتعمير اراضى النوبه القديمه عام 1979 فسارع بالأنضمام إلي مجموعة العمل التى كونتها الجمعيه لتكون نواه للعوده .... فأستقال من عمله المضمون وترك ابنائه بالقاهره ورحل إلى موطن اجداده وكله امل فى إعادة أعمار ارض الأجداد ... وأصر على العوده إلى منطقة السبوع النوبيه ارض ابائه واجداده .... وتحققت له العوده رغم الصعاب التى قابلته من قله الامكانيات وتعرض ورفاقه لصعوبات جمه من نقص الموارد والأمكانيات وقله اعدادهم وكبر سن اغلبهم ... وتمر السنوات والمجموعه تتناقص بسبب زيادة المصاعب من ناحيه والمصاعب الصحيه لكبار السن منهم من ناحيه اخرى .. وانتهى الأمر بان وجد نفسه وحيدا فى ارض الاجداد .... وعلى الرغم من ذلك فلم ييأس وأزدات اصراره على البقاء والأستمرار.. ولم يتراجع أو يستسلم للظروف وكان يقضى ايامه وحيدا وينظر من حوله ويتمنى ان يأتى اليوم الذى يعود فيه النوبيين الى احضان النوبه ويملؤنا المكان من حوله .... وتحول الحاج عبد السيد مع الأيام إلى حارس امين على ارض الاجداد ... فالحاج عبد السيد هو من فضح وكشف محاولة بيع أرضى عمداوالسبوع لأحد المستثمرين فى عهد المحافظ سمير يوسف عام 2008 .... وظل الحاج عبد السيد متمسكاً بأرضه ومنفذا للعوده بلا ضجيج وبعيدا عن عدسات الأعلام وشاشات التلفزيون .... وتحمل مصاعب العيش وقلة الموارد ولم  ينتظر دعماً من احد .. ولم ينقاد وراء وعود حكوميه لا تنفذ ولكنه نفذ العوده بلا  اى دعم او مساعده من احد ... وعلى الرغم من كل ذلك فقد تجاهل الجميع الرجل واهملوا تجربته وقصته ... ولكن ان يصل الأمر إلى ان يختفى ولمده ثلاثة اشهر دون ان يسأل عنه احد فتلك هى المأساه والمصيبه الكبرى .... أن يصل بنا الأهمال ان ننسى الحاج عبد السيد  .... الرجل الذى حارب وجاهد بلا ضجيج ليحافظ على ميراث الأجداد يختفى بدون ان نشعر بغيابه .... اى نوبه تلك التى نريدها ونتشدق بالحفاظ عليها ونحن لم نستطيع توفير الحمايه لمن تمسك بالعيش به؟ ... وإى نضال وكفاح ذلك الذى يجعل الجميع يهمل ذلك الرمز؟ ..... واين كانت القيادات النوبيه حين اختفى الرجل؟ ... أين كنا نحن جميعا حين تعرض الرجل للمضايقات والتهديدات من بعض الدخلاء والمأجورين؟ .....  كيف يتكلم الجميع عن العوده وفى ذات الوقت يترك الجميع من قام بالعوده منفرداً ليختفى دون ان يعلم أحد عنه شئ منذ شهر سبتمبر ؟ ... وهل من الممكن ان نترك الرجل الذى ضحى بكل شئ من اجل النوبه ومن اجل الحفاظ على الأرض النوبيه ليواجه مصيره المجهول دون ان نحرك ساكنا ؟ ..... المهم الأن ان عم عبد السيد مختفى ويجب علينا جميعا ان نتحرك لنجعل قضيه العثورعليه قضيه الساعه على كافة الأصعده وأن لم نستطيع ذلك فالأولى بنا أن ننسى كل ما نتشدق به عن حقوق نوبيه ضائعه او اراضى منهوبه .... فكيف نتكلم عن الدفاع عن الحقوق النوبيه ونحن عاجزون عن حمايه أنسان أفنى حياته على ارض النوبه فى الصحراء وحيدا لينفذ على ارض الواقع ما نتحدث نحن عنه فى دنيا الأحلام ؟ .....


                                                  قصة اختفائه كما يرويها ابنه لمنتدى (صوت النوبه)

صوره من بلاغ قدمه الحاج عبد السيد لمدير نيابه اسوان ضد أشخاص كانوا يهددونه



صوره لمنزل الحاج عبد السيد فى منطقة السبوع على بحيرة النوبه    

جزء من لقاء منتدى صوت النوبه مع الحاج عبد السيد فى ابريل 2009

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

نص خطاب الرئيس جمال عبد الناصر إلى أهالى النوبه

قام الرئيس جمال عبد الناصر بزياره القرى النوبيه فى النوبه القديمه فى يوم 11 يناير 1960 بعد يومين من وضع حجر الأساس لمشروع السد العالى وكان الهدف من الزياره حث أهالى النوبه على الهجره من مناطقهم الأصليه التى ستغرق تحت مياه السد إلى المنطقه الجديده التى خصصتها الدوله لهم ..... وسأكتفى بان أنقل نص الخطاب الذى القاه الرئيس الراحل فى ذلك اليوم فى أهالى النوبه على مقربه من معبد أبوسمبل ... ولن أعلق على ما قيل من وعود ولم تنفذ .
                       ____________________________________________


 


كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى أهالى النوبة
١١/١/١٩٦٠
أهالى النوبة.. إخوانى أهالى النوبة
:أنا سعيد لوجودى بينكم فى بلدكم لأراكم وأرى هذه الروح القوية المتدفقة من كل فرد فيكم ونحن نحتفل بهذه الأعياد؛ أعياد البناء والتصنيع والتشييد، أرجو فى نفس الوقت أن يشعر كل فرد منكم أننا نعامل أبناء هذه الأمة معاملة واحدة مبنية على الحق والحرية والمساواة وأن السد العالى لن يعطى الخيرات للشمال فقط وتحرموا أنتم من هذه الخيرات لأن خيرات السد العالى هى لأبناء الوطن جميعاً. وأحب أن أقول لكم: إننا ونحن نبحث السد العالى إنما نبحث أيضاً فى خيركم وفى مستقبلكم، كما نبحث فى النتائج التى ستترتب على السد العالى
أيها الإخوة المواطنون:ونحن نشعر أن الخير الذى سيعم على أبناء النوبة سيكون الخير الكثير؛ لأنه سيجمع شمل أبناء النوبة جميعاً على أساس من الأسس الصحيحة لبناء مجتمع قوى سليم؛ وبهذا تنتفى الشكوى التى كنتم تشعرون بها طوال السنين الماضية.. شكوى الانعزال، ثم شكوى تفرقة العائلة الواحدة.. أفرادها يعملون فى الشمال وبعضها يعملون فى الجنوب ...حينما نبحث السد العالى الذى ستغرق مياهه بعض أجزاء أو أجزاء كبيرة من بلادكم، فإننا ننظر إلى مستقبلكم أيضاً لا على أساس تشتيت أبناء النوبة فى كل مكان؛ لأن لكم التاريخ الطويل.. التاريخ المجيد الذى تشهد عليه هذه الآثار التى سنزورها اليوم، والتى عشتم بقربها آلاف السنين، ولكنا سنعمل أيضاً على جمع شملكم جميعاً، كما كان هذا الشمل يجتمع فى هذه المنطقة طوال السنين الماضية أو على مر آلاف السنين.سيقوم السيد كمال حسين - المشرف على الاتحاد القومى - ببحث جميع مطالبكم، وستكون لجنة الاتحاد القومى هنا دائماً على اتصال بالاتحاد القومى؛ حتى يمكن أن نرى مشاكلكم دائماً أولاً بأول. وحتى نستطيع أن نحل هذه المشاكل دائماً أول بأول. وإننا نعتقد أن عملية التهجير أو عملية النقل من هذا المكان ستكون عملية مركزة منظمة مريحة لكم جميعاً؛ لتنتقلوا من هذه القرى التى عشتم فيها إلى مناطق جديدة تشعرون فيها بالسعادة، وتشعرون فيها بالحرية، وتشعرون فيها بالرخاء.وستكون هذه فرصة لكم للاشتراك أيضاً فى النهضة الصناعية التى نسير فيها اليوم، فلن يكون العمل مقتصر على الزراعة، ولكن سيكون العمل مقتصر على الزراعة والصناعة، وإن شاء الله أيضاً ستصرف لكم التعويضات الناتجة عن ٥٤ و٥٨ فى أسرع وقت.وأرجو - أيها الإخوة المواطنون - ألا تشعروا بأى قلق بالنسبة للمستقبل، وأنا أشعر أن المستقبل سيكون - بإذن الله - مستقبل كريم عزيز بالنسبة لكم جميعاً.أنتهز هذه الفرصة وأنا أرى بعض الإخوة من السودان الشقيق - من حلفا - لأعبر لهم عن شكرى لمشاركتنا فى هذه المناسبة، ولأحملهم تحياتى وتحيات الجمهورية العربية المتحدة إلى الشعب السودانى الشقيق.
 والله يوفقكم.
والسلام عليكم

حقاً أنها ملحمه أنسانيه

         

لا  أعلم السبب الذى يجعل الأغلبيه ممن يتكلمون عن مأساة غرق القرى النوبيه يتجاهلون فى أحديثهم ملحمة النوبيين فى منطقه الشلال تلك المنطقه التى كانت تقع ما بين الجندل الأول وقرية دابود ..... وعلى الرغم من أن النوبيين فى تلك المنطقه هم أول من عانوا من الأهوال التى ترتبت على بناء الخزان وهم أول من هاجروا من النوبيين هربا من الغرق .... ولكن ومع كل ما عانوا منذ 1890 عند وضع حجر الأساس لمشروع الخزان وحتى اليوم .... فأنهم وللأسف يتعرضون للأهمال من الجميع ولا يتذكرهم أحد عند الحديث عن الحقوق النوبيه ...... وقبل الأسترسال فى الحديث يجب التعريف بتلك القرى المنسيه .
قبل بناء الخزان كانت القرى النوبيه الواقعه إلى الشمال من قريه دبواد وحتى الشلال (الجندل الأول ) تعرف بأسم الشلا ليه وتتكون من قرى (تنقار – شمه الواح – محضر خور توندى (كوندى) – اتمنى  - امشير – جبل شيشه – مرو تود) على ضفتى النيل وبالأضافه إلى ثلا ثه جزر هى ( جزيرة هيسا – جزيرة عواض – جزيرة بجا ) ...... وأدى القرب الشديد لتلك القرى من موقع الخزان الى غرقها غراقا كاملآ منذ البدء فى بناء الخزان .... ولم يكن أمام الأهالى ألا الهرب من الغرق فتمسكوا بالمرتفعات المحيطه ... ثم اضطروا مع الوقت للنزوح للأماكن الواقعه شما الخزان وأستقروا فى مناطق (غرب أسوان -الشلال - الجزيرة -عزبة العسكر -جزيرة أسوان - تنقار - جبل تقوق - بربر - نجع المحطة - عزبة المنشية -  جزيرة سهيل  -غرب سهيل - جزيرة هيسا  - منشية النوبة- البيجه- عزبة الحدود -الكرور- أراشكول -المسي تود ) ..... ومنهم من نزح  داخل مدينه اسوان فى مناطق (الحصايا - جزيرة عواض - الشيخ هارون ـ السيل – الخزان)
..... والغريب هو اهمال الحكومات المتعاقبه منذ بناء الخزان وحتى الأن لأهالى تلك القرى النوبيه على وجه الخصوص .... فلم تشملهم تعويضات بناء الخزان وذلك بسبب أن لجان حصر ممتلكات منكوبى الخزان شكلت بعد بناء الخزان غرق كامل أرضى تلك القرى تحت مياه الخزان فتم أهمال تعويضات النوبيين بتلك القرى لعدم أمكانية حصر ممتلكاتهم الغارقه .....  والأغراب هو قيام الحكومات المتعاقبه منذ مطلع القرن العشرين وحتى الأن بأنشاء الكثير من المشاريع التنمويه بمدينه اسوان وأهمال  اهالى تلك القرى أهمالآ  كليا فلم يفكر أحد فى مجرد شق ترعه بهذه القرى لمساعدة الأهلى على الزراعه التى اضطروا إلى هجرها بسبب صعوبه الأرضى التى اضطروا إلى النزوح إليها .... فالمنطقه مازالت حتى اليوم تفتقر أى نوع من الخدمات الأنسانيه البسيطه فلا توجد رعايه طبيه بأغلب تلك القرى فسكان جزيرة هيسا مثلا  مازالوا حتى يومنا هذا يعيشون بدون كهرباء أو مرافق او أى خدمات .... ولكن ذلك الأهمال لم يفت فى عزم نوبييو تلك القرى بلا  زادهم اصرارنا على ان يتشبثوا بما تبقى لهم من أرث الأجداد .... ليعيشوا إلى يوماً هذا وهم يسطرون ملحمه انسانيه يتعمد الجميع أغفالها عند الحديث عن الهموم النوبيه ..... والمضحك المبكى فى الأمر أن الدوله تتعامل معهم طوال الوقت على أنهم واضع يدى على أملاك الدوله وليس اصحاب حق أصيل فى الأراضى التى يقيمون بها ... وحتى عندما فكرت الدوله العام الماضى فى تقنين اوضعهم وتمكينهم من تملك أراضيهم بأعتبارهم من متضررى خزان أسوان ... تم وضع شرط متعسف لأتمام هذا التقنين هو ( أنه لن يتم تمليك الأراضى ألا  لمن يملك سندات ملكيه للأراضى القديمه التى غرقت ) .... وهو شرط مستحيل تحققه لسبب بسيط هو أن مصلحه الشهر العقارى وتوثيق الملكيه اسست عام 1904 وأراضيهم غرقت منذ بداية مشروع انشاء الخزان الذى أفتتح عام 1902 ... بمعنى أنه عند تأسيس الشهر العقارى كانت اراضى تلك القرى مغموره كليا بمياه الخزان ...... ويا ليت الأمر أقتصر على ذلك بل زاد الأمر بلاء وهماً على جموع النوبيين بتلك القرى ما ظهر أخيراً من مطامع لدى بعض مدعى الأستثمار فيأتى أحد نهابى البلد من منتسبى لجنة السياسات بالحزب الفاسد ليحاول أنشاء مشروع ( بورتو أسوان) فى منطقه غرب اسوان بل ويحصل على موافقه مبدئيه من محافظ اسوان على المشروع وبدون أدنى أعتبار لما تحويه المنطقه من أثار تاريخيه لم يكشف النقاب على اغلبها أو وجود أناس يعيشون بتلك المنطقه ....  والغريب أن من تصدى لذلك المشروع هم المرشدين الساحيين المصريين والأجانب العاملين بأسوان ومعهم بعض علماء الأثارالغير حكوميين (طبعا) ليجبروا (هيئه الأثار المصريه) على رفض المشروع ..... وما كاد الناس يهدأون على اثر رفض مشروع ( بورتو أسوان) حتى فوجئوا فى نفس العام بظهور مشروع جديد لأنشاء قريه سياحيه فوق الهضبه المطله على قرية غرب سهيل فى نفس المكان الذى يستخدمه ابناء القريه لتأخير الخيول والجمال للسائحيين الأجانب وتقوم الحياه فى غرب سهيل على تلك المهنه بعد ان تعثر على الأهلى الزراعه بسبب سوء الأراضى وايضا بعد أن قامت هيئه العامه للسد وخزان أسوان بمنعهم عن مزاوله الصيد ورفض اعطائهم تصاريح صيد على اساس انهم واضعى يد على أراضى الدوله فلم يبقى ألا  العمل على تأخير الخيل والجمال للسائحين الأجانب ليستطيع العيش ....ليأتى هذا المشروع ليقضى ليستولى على الاراضى التى يستخدموها لمزاولة تلك المهنه ..... وأكثر ما يثير الأسى والحسره هو أن صاحب المشروع الجديد رجل أعمال نوبى ..... نعم للأسف نوبى ..... ولكن مدى كان لرأس المال أنتماء أو وطن .... فأدعياء الأستثماروطنهم وهو رصيدهم البنكى وأنتمائهم هو لمن يزيد ذلك الرصيد ..... ولا يبالون بأى قيم بخلا ف مصالحهم الشخصيه ....  ولم يٌوقف المشروع إلا  شجاعة اهالى غرب سهيل وتمسكهم بحقهم فقد ثاروا على المحافظ أثناء حضوره مؤتمر جماهيرى بغرب أسوان ورددوا الهتافات المعاديه له والرافضه للمشروع وهددوا بتصعيد الأمر فأطضر المحافظ على سحب موافقته التى سبق ومنحها للمشروع وأرجع البعض ذلك إلى خشية المحافظ من الدخول فى صراع جديد مع النوبيين وخاصة مع ما كانت تشهده تلك الفتره من صراعات قائمه بين المحافظ والنوبيين حول توطين متضررى السد العالى بأماكنهم القديمه .... ولكن إلى متى سيستطيع أهالى القرى النوبيه بأسوان الصمود أمام أطماع جحافل المماليك الجدد من مدعى الأستثمار الذين يستندون إلى ما يربطهم من صلات وعلاقات فاسده بدوائر الحكم الفاسد ؟
كانت تلك نبذه صغيره عن ملحمه أنسانيه عظيمه نسيها الجميع وأهملها الكل وأمل ان تكون تلك مجرد بدايه لسرد اكثر تعمق ودراسه لتلك الملحمه الأنسانيه .

التهجير جريمه لن نسامح من تسبب فيها



بينما انشغل العالم اجمع فى الحدثين الأهم فى ذاك الوقت ( بناء السد العالى وانقاذ اثار النوبه المعرضه للغرق ) لم ينتبه احد للأنسان النوبى الذى عمر تلك المنطقه منذ فجر التاريخ وصنع اجداده تلك الأثار كشواهد على قدم تلك المنطقه وأصالة تلك الحضاره فكان جزاء هذا النوبى النسيان والأهمال وتم تهجير النوبيين بعشوائيه غريبه وكأن القائمين على الأمر لم يروا النوبيين ولم ينبهوا لوجودهم وفوجئوا بهم .
ومع احترامى وتقديرى لقيمة السد العالى كمشروع تنموى مهم و نبل مقصد كل من ساهم فى انقاذ الأثار لما تمثله من قيمه حضاريه وتراث أنسانى يجب الحفاظ عليه ولكنى ذلك لا يجعلنى اغفر او انسى حجم المعاناه والتى عاشها ابائى واجدادى الذين شاء حظهم العثر ان يتواجدو فى هذا المكان ويعيشوا تلك المأساه التى ورثوها لنا نحن ابنائهم مرارتها  .

وأذا كان نجاح فى انجاز مشروع السد يحسب كأحد أهم انجازات القياده السياسيه بمصر فى ذاك الوقت وكدليل على مدى قوة وصلبة أرادة الشعب المصرى بكل طوائفه وفئاته  ..... وبالمثل فنجاح الحمله الدوليه لأنقاذ الأثار يحسب كأنجاز لوزارة الثقافه ووزيرها المثقف دكتور ثروت عكاشه لسعيه من اجل حشد العالم اجمع من اجل المساهمه فى ذلك العمل الأنسانى النبيل (ويجب هنا الا ننسى تأثير زيارة مدير متحف المتروبوليتان للدكتور ثروت عكاشه فى دفعه الى اطلا ق النداء الدولى لأنقاذ الأثار ...... مما يعنى أن الأثار كان من الممكن ان يصيبها الأهمال لولا  تلك الزياره)....... فأن سوء التخطيط المصاحب لتهجير النوبيين والفشل فى توفير هجره كريمه لمن ضحى بأرض اجداده خطأ وفشل لا يمكن غفرانه أو نسيانه أو مسامحة كل من شارك فيه بداءَ من اصغر موظف الى اكبر مسؤل
فالتاريخ لن يغفر ما حدث ولن يرحم كل من تسبب فى وفاة 1500 طفل من جراء التهجيروالأهمال وفى عذاب المسنين وعدم احترام تضحيهم .
وما يثير الحنق والسخط على ما حدث هو انه كان من الممكن وبالقليل من التخطيط السليم  ان يتم تنفيذ التهجير بشكل يحفظ ادمية الناس ويراعى أحتياجاتهم فمن المعروف ان التفكير فى بناء السد بداء مع بدايات الثوره واول حديث عنه كان خبر نشر فى جريده الأهرام فى شهر ديسمبر عام 1952 أى بعد خمسة أشهر من قيام الحركه المباركه ( كما كان يطلق عليها وقتها) وتكلم الخبرعن أن الدوله تدرس امكانية اقامة سد بديلآ عن خزان اسوان ... وبداء التنفيذ الفعلى بعد الأتفاق مع الحكومه العسكريه بالسودان فى ذلك الوقت على اغراق مدينه حلفا عام 1958..... وأنطلقت الحمله الدوليه لأنقاذ الأثار عام 1959 ..... وذهب الرئيس عبدالناصر الى اسوان فى عام 1960  ووضع حجر الأساس لمشروع السد العالى وذهب الى  النوبه والتقى بالنوبيين وألقى خطابه الشهير بجوار معبد ابوسمبل ذلك الخطاب الذى وعد فيه النوبيين بالخير والنماء والحياه الكريمه بمهجرهم الجديد  ....... ثم تم تهجير النوبيين فى اكتوبر 1963 .
وعلى الرغم من تأخير تهجير البشر كل تلك الفتره فأن التهجير تم بمنتهى العشوائيه والتعجل ولم يجد اغلب المهجرين منازل لهم فى مهجرهم الذى هجروا اليه .
وهل هناك وصف يمكن اطلاقه على ما حدث غير الفشل والأهمال وسوء التخطيط ؟
وما يثير الحنق ويصيبنى شخصيا بالغثيان هو ما يحاول البعض الأتيان به من كلام غريب للدفاع عمن قام بذلك من عينة (ما النوبيين بيعانوا من ايام الملكيه ) او (ما النوبه غرقت من ايام الخزان) وكأن ما قام به نظام ملكى مستورد ومتعاون مع قوى الأحتلال يعطى المبرر للحاكم الوطنى لأن يفعل بالناس مثل ما فعل بهم النظام الغاصب الغير منتمى للبلد .
وردى على مثل هذا المهاترهات الفارغه بسيط فخزان اسوان تم بنائه من اجل زيادة الرقعه الزراعيه للتوسع فى زراعة القطن لصالح مصانع النسيج (الأنجليزيه) أى لصالح المحتل ومن الطبيعى ان تقوم دولة الأحتلال باستنزاف ثروات الدول التى تحتلها (كما تفعل امريكا الأن مع البترول العراقى مثلآ) .
ولكن السد العالى تم بنائه من أجل بناء اقتصاد وطنى حر وقوى وعند التهجير وعد النوبيين بأن يجدوا فى مهجرهم كل وسائل المدنيه وسيتم توفير منازل لهم على نفس نمط المنازل التى ألفوها فى بيئتهم الأصليه وغيرها من الوعود البراقه (وده طبعا بخلاف التهديدات المتواريه لمن حاول الرفض ) وعندما ذهبوا الى تلك الجنه التى وعدوا بها لم يجدوا الا العقارب والثعابين فى انتظارهم الى جانب منازل اسمنتيه لا تراعى الظروف المناخيه للمنطقه والغريب ان اغلب تلك المنازل لم تكن جاهزه عندما وصلوا الى المنطقه (اغلب البيوت كانت عباره عن علامات جيريه على الأرض تحدد مكان البناء )
فهل يمكننا أن ننسى تلك المأساه ؟
أو أن نغفر ونسامح من تسبب فيها ؟

منكوبى الخزان






1902 تاريخ بناء خزان اسوان ... ذلك الخزان الذى شرع حكام مصر العلويين (اسره محمد على ) فى بنائه بالأتفاق مع المحتل الأنجليزى من أجل حجز الفائض من مياه النيل خلفه للأستفاده منها للتوسع فى زراعة القطن لتشغيل مصانع النسيج بدولة الأحتلال .... ولم يشغلوا بالهم بمجرد التفكير فى مصير القرى الموجوده خلف المكان المقترح لبناء الخزان وماذا سيكون مصير أهالى تلك القرى بعد أرتفاع منسوب المياه خلف الخزان ذلك الأرتفاع الذى سيؤدى إلى غرق تلك القرى .... بل أنهم لم يحالوا تنبيه أهالى تلك القرى ..... وهذا أمر ليس بغريب على محتل غاشم لا يهمه سوى مصالحه الخاصه ومصالح أصحاب المصانع فى دولته غير مبالى او عابئ بمصالح مواطنى الدوله التى يحتل أراضيها ... المهم تم بناء الخزان وأرتفع منسوب المياه 106 متر خلفه لتغرق عشر قرى نوبيه بدون أى سابق انذار ويتمسك النوبيين بالبقاء فى اماكنهم التاريخيه ويعيدون بناء بيوتهم فى المرتفعة القريبه ... ولم يكادو يلتقطون انفاسهم من هول المأساه الأولى حتى يفاجئوا بقيام الدوله بتعلية الخزان 1912 ليصل منسوب المياه إلى أرتفاع 114متر لتتكرر المأساه ويتكرر اخرى القرى العشر ويضاف أليهم ثمانى قرى جديد ويكرر النوبيين ملحمة الصمود ويعدون البناء فى المناطق التى تعلوالمناطق الغارقه .... للمره الثالثه فى 1932 يتم تعلية الخزان للمره الثانيه ليصل منسوب المياه الى ارتفاع 121متر ويعاد أغراق القرى التى أغرقت من قبل اغراق كامل مكرر ويضاف اليها عشر قرى جديد .... وتغرق النوبه التاريخيه بشكل شبه كلى وتتحول النوبه إلى شريط ضيق على النيل لا يتعدى اتساعه عن مائتين يارده (حوالى182.880 متر تقريبا )* .... ولم ينجو من هذا البلاء إلا القرى النوبيه الواقعه فى أقصى الجنوب على حدود السودان وهى( أدندان – بلانه – قسطل – ابوسمبل ) ..... فتعالت اصوات النوبيين تصرخ وتستنجد من هول ما أصابهم وكثرت الشكاوى النوبيه والعرائض التى تستجدى الرحمه من الظلم الواقع وأنبرى ابناء النوبه المتعلمين فى الدفاع عن حقوق أهاليهم وظهر النواب النوبيين فى مجلس النواب يستصرخون على أمل أن يجدوا من يسمع شكواهم ..... ولكن لم يجدوا من ينصفهم وبل تعمدت الحكومات الملكيه المتعاقبه على ابخاسهم حقوقهم وعملت تلك الحكومات على أستصدار قوانين خاصه أقل ما توصف به هى انها قوانين مجحفه  لتعويض ( منكوبى الخزان ) وهو الأسم التى كانت المكاتبات الحكوميه تشير به إلى النوبيين ... فكانت التعويضات الهزيله التى تصرف طبقا لتلك الوانين المجحفه لا تغنى ولا تسمن من جوع بل أنها تبددت فى ايدى النوبيين سريعا .... وتسبب أغراق الأراضى وضعف التعويضات فى أجبار بعض النوبيين أن لم يكن أغلبهم فى الهجره إلى القاهره والمدن الكبرى بمصر بحثا عن أى فرصه للعمل لكسب بعض المبالغ القليله ليرسلها إلى ذويهم الموجودين فى بلادهم المنكوبه فى محاوله منهم لمساعدتهم على القدره على العيش وأنقاذهم من ويلات الفقر الذى أصابهم من جراء ما حدث ..... ولم يخلو منزل او عائله فى القرى النوبيه المنكوبه أنذاك من اغتراب أحد رجالها عن القريه للعمل بمدن مصر المختلفه ... بذلك بدأت أول فصول المأساه النوبيه .
والأن وبعد هذا العرض المبسط لمأساة النوبيين ومعاناتهم من جراء غرق معظم قراهم يتبادر إلى الذهن سؤالآ هاماً وهو ( أذا كان النوبيين قد تكبدوا كل تلك الأهوال من منذ مطلع القرن العشرين فلماذا يصرون على تحميل الحقبه الناصريه وتهجير 1964 كامل الذنب ؟)
ولن اطيل فى سرد الأسباب والمبررات للأجابه على هذا السؤال على الرغم من أحترامى لمغزاه ولكنى سأكتفى بأن اردد ما أجتمع على قوله أغلب كبار السن من النوبيين الذين عاصروا تلك الأحداث فقد قالوا ( أحنا كنا قبل التهجير بنروح نشتغل فى مصر ونتغرب عن اهالينا بس كل واحد فينا كان عارف جواه أنه لازم هيجى يوم ويرجع لأهله وبلده وناسه عشان يعيش اليوميين اللى باقين له فى الدنيا فى وسط أهله ويدفن جنب النيل فى ارض جدوده ... وبعد ما هجرونا باقينا عملين زى النخل اللى اتخلع من جذوره وما باقيناش عارفين لنا مكان .. وعشان كده ظلم التهجير كان اصعب علينا من كل اللى قبله) .
وهذا الكلام وعلى الرغم من بساطته فأنها يحمل الكثير من المعانى والأيماءات ولكنى أفضل أن أختم به هذا الجزء من الخواطر او(حديث النفس ) كما افضل أن أطلق عليه .


الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

ميراث الشجن




أصعب شئ فى الوجود  هو أن يرث الأنسان الشعور بالحزن والأسى منذ الميلاد ويصبح الحزن ملازما له فى حاله وترحاله ويشعر به فى كل وقت ويراه فى عين أمه وأبيه وأقاربه الكبار فى السن وهو طفلآ لايعى لم كل هذا الحزن والشجن وعندما يحاول أن يفهم لا يجد أجابه شافيه لتساؤلاته الحائره ويزداد بداخله الغموض والحيره عن سر ذلك الحزن المخيم من حوله ..... حقيقيةَ اجد من الصعب على الكلمات أن تصف ذلك الشعور الرهيب ... وتلك المشاعر الحزينه .... وذلك الأرث الصعب الذى ورثناها  كنوبيين ولدنا بعد التهجير ولم نرى ذلك الفردوس الضائع الذى سمعنا عنه من حكايات الأباء والأجداد واحسسنا به وعايشناه من خلال رؤيتنا لنبرة الشجن فى اصواتهم ولمحة الحزن فى أعينهم عند حديثهم عن النوبه ..... كيف كانت ..... كيف ضاعت .... وكيف أجبروا على هجر مراقد أبائهم ومراتع صباهم ..... ونخيلهم ونيلهم .... وكيف غرقت النوبه تحت مياه السد .... وضاعت الأرض والنخيل التى توارثوها جيلآ بعد جيل منذ ألاف السنين ... وكيف تشتت المجتمع النوبى ما بين صحراء كوم أمبو وأسنا ومدن مصر المختلفه ..... لنولد نحن فى هذا الشتات الصعب بعد أن غرقت النوبه لنزيد من معاناة الأباء الذين لم يستطيعوا الحفاظ على أرث الأجداد الذى ورثوه عن ابائهم ولم يستطيعوا أن يورثوه لنا نحن أبنائهم فيستعيضوا عن ذلك بأن يورثونا حنين جارف إلى النوبه التى ضاعت وحلما دائما بالعوده الى تلك الجنه التى غرقت لنكمل نحن حياتنا فى ظل شعور بالأغتراب الوجدانى والتشتت ما بين واقع صعب مجبرين علي العيش فيه وحلماَ جميلآ نتمنى تحقيقه .. ونحيا وكأننا أجساداَ بلا أرواح بعد أن فارقتنا أرواحنا منذ الميلاد لتهيم حائره فوق بحيرة ترقد تحتها جنتنا المفقوده ضنى علينا من أقاموها بمجرد أن يطلقوا عليها أسم الأرض المدفونة تحتها .... فسموها بحيرة ناصر ......وبحيرة السد ...... ولكننا لا نعرف لها أسم .... إلا بحيرة النوبه ....... فبما أنها كانت مقبرة لنوبتنا .... فمن حقنا أن يكون شاهد القبر بأسم ...... النوبه المدفونه تحت ميائها .
وبسبب ذلك الأرث الصعب أصبح الحديث عن التهجير ورغم مرور كل تلك السنوات هو حديث الشجن والأسى ..... حديث  ملئ بالحنين والشوق إلى العوده .......
 وعلى الرغم من اقتناعى بأن المأساه بدأت قبل التهجير بسنين طويله ولكن حتى هذا لا يقلل  من هول مأساة التهجير الأخير التى أدت الى تعمق شعور الأغتراب والتشتت بداخلنا كنوبيين  ...... ولذلك فسيظل التهجير هو المأساه التى لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الأجيال النوبيه .
...

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

محاوله لفهم جوهر القضيه النوبيه

لا يخفى على احد ان القضيه النوبيه أصبحت أحد قضايا الساعه على الساحه الأعلاميه الأن وأحدى الأوراق التى يتلاعب بها النظام الحاكم من خلال ما يقوم المسؤلين الحكوميين من اثارته بين الفنيه والأخر مستغلين ما يقوم به بعض النوبيين من تصرفات وما يصدرونه من تصريحات فى أظهار النوبيين على أنهم فى معزل عن محيطهم الوطنى المصرى وذلك للتدليل على أن التحركات النوبيه ومطالب النوبيين هى مطالب انفصاليه وهدفهم من ذلك عزل النوبيين عن محيطهم الوطنى وإيجاد تبرير لما يقوم به هذا النظام من رفض للمطالب النوبيه العادله . ولا انكر صدور بعض التصرفات من بعض النوبيين سواء بقصد او بدون قصد تساعد هذا النظام فى مسعاه وتحيط المطالب النوبيه بشبهات وأتهامات هى ابعد ما تكون عنها .
ولكن قبل التعرض لتلك التصرفات والأفعال يجب علينا تعريف المطالب النوبيه تلك المطالب التى تلخص معاناتنا كنونبيين والتى أستمرت على مدى المائة عام الماضيه منذ بناء الخزان بتعلياته المتتاليه الى بناء السد العالى والتى سأحاول تلخيصها فى النقاط التاليه :
* الأقراربأحقيه ان تكون للنوبيين الأولويه فى أعمار منطقه ما حول بحيرة السد ( وهو المطلب المعروف اعلاميا بحق العوده ) وهو مطلب عادل مبنى على اساس المساوه بين ابناء الوطن الواحد فكما يسرت الدوله بعد انتصار 73 لأهل منطقه القناه الذى اضطروا الى هجر اقليم القناه بعد هزيمه 67 العوده الى اقليمهم الذى هجروا منه فالنوبيين يطالبون بالمعامله بالمثل وتيسير العوده الى مناطق النوبه القديمه (لمن يريد من النوبيين ) والأقرار بأولويتهم فى تعمير تلك المنطقه فى أطار خطه قوميه لأعادة اعمار المنطقه .
والجدير بالذكر ان تلك العوده لن تكون لجميع النوبيين وذلك لصعوبة ذلك على المستوييين القومى والفردى بمعنى أنه على المستوى القومى المصرى فأن جعل العوده اجباريا لكل النوبيين تعنى خلق جيتو منفصل للنوبيين فى معزل عن باقية ابناء الوطن وبالطبع هذا أمر من الصعب على اى حاكم أو نظام وطنى الموافقه عليه   . وعلى المستوى الفردى فأنه لا يمكن أغفال ان مرور كل تلك السنوات التهجير(1964) قد ادت الى وجود أرتباط ما بين النوبيين الذين ولدوا وعاشوا بمناطق التهجير وتلك المناطق  الجديده التى وطنوا بها وأستقروا بها والكلام عن العوده الأجباريه يعتبر نوع من التعدى على الحريه الشخصيه وحرية الأختيار لمن وطن نفسه على العيش بمكانه الذى ولد وتربى به بعيداً عن مناطق الأجداد.
ولذلك فمطلب العوده يرتبط فى اساسه بمن لديه الرغبه من النوبيين فى العوده والأستقرار بالمناطق القديمه .
وكما أعتقد فأن هذا المطلب من السهل تنفيذه فى اطار خطه قوميه لتعمير مناطق ما حول البحيره والأستفاده بما تمتاز به تلك المنطقه من اراضى خصبه فى خلق دلتا مصريه جديده تعوض عما أهدر من اراضى فى الدلتا القديمه وتنقذ البلاد من أهوال العجز الزارعى التى نعيشها وليس خفيا على احد أن العمل على وضع مثل تلك الخطه الطموحه أنفع لمصر من اعطاء أراضى تلك المنطقه للوليد بن طلال ومن هم على شاكلته من مدعى الأستثمار وناهبى خيرات الوطن .
* تقنين اوضاع النوبيين بمنطقه التهجير (نصر النوبه )فعلى الرغم من معاناة النوبيين بنصر النوبه من سوء المنطقه وتصدع البيوت بسبب سوء الأرض بمنطقه التهجير(ارض انتفاشيه من المفترض عدم صلاحيتها لأقامة مشروعات سكنيه) وإلى جانب ما بذلوه من جهد منذ بداية التهجير فى زراعه بعض الأراضى البسيطه الصحراويه بتلك المنطقه فأن الدوله تضنى عليهم بأن تملكهم تلك البيوت التى تأويهم والأرضى التى بذلوا الكثير من الجهد والعرق من اجل زراعتها فمازالت تلك المنطقه ملكاَ للدوله ولم يحصل إى نوبى طوال تلك الفتره على إى صك يثبت ملكيته لبيته أو لما يزرعه من ارضى استصلحها بعرقه وجهده . وعلى ما أعتقد فذلك المطلب هو مطلب سهل الحل وليس به إى تعقيد فيجب ويتحتم على الدوله أن تعطى من يستقر فى نصر لنوبه عقود ملكيه لبيوتهم واراضيهم البسيطه التى يزرعونها وذلك الى جانب أتاحة الفرصه وتيسير الأمور لمن يريد الأنتقال منهم إلى المناطق القديمه حول البحيره ضمن الخطه المشار إليها فيما سبق وذلك لضيق المساحه بنصر النوبه وعدم وجود ظهير صحراوى للمنطقه مما لا  يعطى الفرصه لأى تمدد عمرانى طبيعى يسمح بأستيعاب الزياده السكانيه المطرده بالمنطقه ولذلك فمن المفترض اعتبار مناطق ما حول البحيره ظهيراً صحراوياً لمنطقه نصر النوبه المكتظه بالسكان .
و أننى أرى أنه يتوجب على قبل الأنتقال من تلك النقطه التنويه إلى وجود مشاكل أخرى بنصر النوبه بخلاف تقنين الأوضاع والظهير الصحراوى مثل مشكلات ضعف البنيه التحتيه بالقرى وافتقار أغلب القرى الى خدمات صحيه وعدم وجود أى مشاريع تنمويه بالمنطقه مما ترتب عليه ان تحولت المنطقه الى منطقه طارده للسكان ولكن ومع ايمانى بأهمية ايجاد حلول تلك المشاكل إلا انى مقتنع تماماً انها مشكلات عامه بكافة قرى مصر وعلى مستوى أغلب أن لم يكن كل المحافظات المصريه ولن تحل إلا عن طريق أعادة أهتمام الدوله بالمناطق الريفيه ووضع خطط تنمويه لكافة المناطق المهمشه بالقطر المصرى  ومن منطلق ذلك الأقتناع فأننى لم اسرد تلك المشكلات عند حديث عن المطالب النوبيه .
* الحفاظ على الموروث الحضارى والثقافى النوبى وعلى ما أعتقد ان هذا المطلب من المفترض به ان يكن من أكثر المطالب النوبيه  أهميه على كافة الأصعده وذلك لمايمثله هذا الموروث الثقافى والحضارى من الأهميه على أساس انه يعتبر احد الروافد المهمه التى تصب فى النهر الثقافى المصرى الممدد عبرألاف السنين بل اننى يمكننى الذهاب ودونما أية مبالغه إلى ان الثقافه والحضاره النوبيه كانت لها تأثير كبير على المكنون الثقافى والحضارى الأفريقى وذلك مثبت فى كثير من الدراسه التى قام بها متخصصين فى الثقافات الأفريقيه وذلك باللأضافه إلى أن الحفاظ على التنوع الحضارى والثقافى بإى دوله هو دليل على مدى ما تتمتع به تلك الدوله من  الرقى والتحضر ولذلك فأننى أرى انه يتوجب على مصر الدوله أن تعمل على الحفاظ على ذلك الموروث الحضارى ولا يخفى على احد ما قامت به مصر ممثله فى وزارة الثقافه من اطلاق نداء عالمى للمساعده فى انقاذ أثار النوبه من الغرق عند بناء السد العالى  ذلك النداء الذى تبنته منظمة اليونسكو وصاغته فى شكل حمله دوليه لأنقاذ أثار النوبه من منطلق ما تمثله تلك الأثار ما أرث انسانى تاريخ يجب المحافظه عليه فتضافرت جهود العالم اجمع لأنقاذ الأثار .
وكما هو معروف للجميع أن البيئه فى بلاد النوبه القديمه وما تميزت به من انغلاق وبعد قد ساعدت الأنسان النوبى القديم فى الحفاظ على موروثاته الثقافيه وتوارتها عبر الأجيال على مدى ألاف السنين والتى تمثلت فى اللغه والعادات والتقاليد والموروثات ولكن وبعد التهجير وأنتقال النوبيين من محيطهم المنغلق أصبحت تلك الموروثات الثقافيه عرضه للأندثار وخاصةً اللغه التى تعتبر الوعاء الأساسى والركيزه الأولى للحفاظ على اى مكون ثقافى وكما هو معروف فأن انقراض أى لغه على مستوى العالم يعنى انقراض احد مكونات الثقافه الأنسانيه ولذلك فمن المفترض أن يكون الحفاظ على اللغه النوبيه وحمايتها من الأنقراض واجب وطنى وذلك للحفاظ على احد صور التنوع الثقافى فى المجمتع المحلى والعالمى .
وإلى جانب اللغه فيجب ويتحتم على الدوله أظهار التاريخ النوبى وأعاده دراسته وذلك من منطلق أن التاريخ النوبى يعتبر جزء مهم من التاريخ المصرى لا يجوزأغفاله بل اننى أرى وقد يشاركنى الكثيرين فى ذلك أن أى محاوله لأخفاء أو طمس أى جزء من تاريخ مصر على مر العصور سواء النوبى أو غيره هو تشويه وجريمه فى حق مصر والأنسانيه فالتاريخ الأنسانى هو فى الأصل عباره عن حلقات متصله بنيت بعضها فوق بعض وأى محاوله لطمس إى حلقه من تلك الحلقات هو جريمه فى حق الأنسانيه ولذلك فأننى اصر على حتمية أن يتم أضافة فصل عن التاريخ النوبى ضمن مادة التاريخ بالمدارس ولذلك حتى تعلم الأجيال الجديده مدى ما تتمتع به مصر من تنوع حضارى وثقافى  .
وبالنظر إلى المطالب السابقه والتى تشتمل حسب أعتقادى كافة المطالب النوبيه يظهر جالياً بساطه وعدالة ما نطالب به كنوبيين من حقوق واجبه ومطالب مشروعه  ولكن تلك المطالب على الرغم من مشروعيتها وعدالته تقابل من قبل النظام الحاكم بالتجاهل والتضليل ووضع العراقيل أمامها عوضاً عن السعى والعمل على تنفيذها وسأحاول أن أسرد الأسباب التى يقوم بسببها النظام الحاكم بعرقلت تنفيذ المطالب النوبيه (من وجهة نظرى ) فى نقطتين اساسيتين سأحاول ايضاحهم فيما يلى :
* من المعروف أن منطقة البحيره تعتبر أحد المناطق التى يطمع بعض رجال الأعمال ممن تربطهم مصالح مباشره مع النظام فى الأستيلاء عليها ولذلك فليس من مصلحتهم الأقرار بحق العوده للنوبيين إلى تلك المناطق ولذلك نجد أن النظام يتعامل مع مطلب النوبيين بالعوده أما بأظهاره على أنه خطوه يقوم بها النوبيين من اجل الأنفصال عن مصر أو إلهاء النوبيين بوعود رئاسيه زائفه كما حدث من مبارك عام 2005 بعد الأنتخابات الرئاسيه مباشرة عندما وعود النوبيين بأولويتهم فى العوده إلى مناطقهم الأصليه ذلك الوعود الذى قوبل بالفرح من بعض النوبيين والتسويف من قبل المسؤلين التنفيذيين والغريب أن هناك من النوبيين من صدق هذا الوعد وراح ينادى بتعاطف الرئيس مع المطالب النوبيه  وأهتمامه بتنفيذ مطالب النوبيين وألقوا باللوم على  بعض المسؤلين التنفيذيين الذين يسوفون فى تنفيذ ما وعد به السيد الرئيس ( ده على أساس أن فى مسؤل فى مصر ممكن يشتغل بفكره الخاص ويخالف اوامر الرئاسه) أو الحل الثالث الذى يتم تنفيذه الأن وهو أظهار ان المطالب النوبيه تتلخص فى عدد من البيوت هى الباقيه للنوبيين فى ذمة النظام والقيام ببنائها فى منطقة وادى كركر التى يرفضها غالبية النوبيين والتى لاتتفق مع مطالبهم وأسراع النظام فى البناء بتلك المنطقه ودونما وجود خطط شامله لتنميه المنطقه الهدف منه واضح وهو ان يمتنع النوبيين عن أستلام تلك المساكن او يستلموها ولا يقيمون بها فيقوم النظام بتقديم الأمر على أن النوبيين غير جادين فى حديثهم عن العوده وبالتالى احقية الدوله ممثله فى النظام الحاكم فى التصرف فى باقى المنطقه وأعطائه لمن يملك النيه الحقيقه للتنميه ( اللى هما طبعا مستثمري النظام الحاكم ) ولا أنكر أن هذا السيناريو الأخير لتمثلية كركر هو توقعى الشخصى للأحداث من واقع ما نعيشه من سيناريوهات فاشله أدمنها هذا  النظام .
* لا يخفى على احد ما يقوم به النظام من بث روح الفتنه بين أبناء الوطن وأزكائها عبر وسائل أعلامه المختلفه وذلك للوقعيه بين المصريين وإلهائهم فى مشاكل مصطنعه حتى لايعطى لهم المجال للتفكير فى المشاكلهم الحقيقه الممثله فى وجود ذلك النظام على سدرت الحكم فذلك فأنهم يعمدون إلى وضع العراقيل أمام كل من يطالب بحقوقه المشروعه فى الوطن ويصنعون قضايا وهميه فالنوبييون يسعون للأنفصال والمسيحيون يخزنون الأسحله فى اديرتهم وكنائسهم وغيرذلك من قضايا وهميه الغرض منها ألهاء الشعب عن أعدائه الحقيقين والغريب والمحزن فى الأمر هو وجود البعض ممن ينسقون وراء تلك الأوهام بل ويساعدون النظام فى مخططه سواءً عن قصد او عن جهل فللأسف فى الحالتين تكون النتيجه واحده هى غرق الوطن بكل أطيافه فى غياهب مشاعر من التعصب والكراهيه المستفيد الأول منها هو نظام دكتاتورى يرسى قواعد حكمه على انقاض السلمى الوطنى  .

ويمكن أن نخلص مما سبق إلى أن حل القضيه القضيه النوبيه وتنفيذ المطالب المشروعه والعادله التى نطالب بها كنوبيين لن تتحق إلا فى ظل نظام حكم وطنى يضع مصلحة الوطن فوق إى مصلحه أخرى ويعمل على أرساء قواعد ديمقراطيه حقيقيه تعمل على ترسيخ مفاهيم المواطنه وتعيد لمصر وجهها الحقيقى الذى يتسم بالتسامح وتقبل الأخر ذلك الوجه الذى يعمل البعض على أخفائه وأهالت أتربة العصبيه والكراهيه عليه .
وإذا ما كنا كنوبيين نسعى فعلياً إلى الحصول على حقوقنا المشروعه فيجب علينا أن ننفض عن أنفسنا مشاعر الخوف والتبعيه لذلك النظام ونننضم إلى خندق الديمقراطيه ونمد أيدينا إلى أخواننا فى الوطن من اجل أنقاذ ووطننا الذى رضينا بالأنتماء إليه وضحى ابائنا وأجدادنا من أجله وأننى اجزم أننا أذا ما أستطاعنا الوصول إلى الديمقراطيه الحقيقيه فأن القضيه النوبيه ستتحول من قضيه صعبه وأحلام بعيدة المنال إلى مطالب مشروع سهلت التنفيذ .
وختاماً لا يسعنى إلا  أن أنوه إلى أن هذا المقال هو محاوله بسيطه منى فى طريق اظهار الوجه الحقيقى لقضيتنا ومطالبنا النوبيه التى نتوارثها كنوبيين جيلآ بعد جيل وخطوه فى طريق أعادة المطالب النوبيه إلى محيطها الوطنى الحقيقى بعيداً عن نعرات التعصب الأحمق ونظرات الكراهيه المتبادل التى لامكان لها فى تاريخنا وعاداتنا التى بنيت على التسامح وتقبل الأخر سواءً على صعيد مجتمعنا النوبى أو محيطنا الوطنى المصرى .




السبت، 18 سبتمبر 2010

الديمقراطيه كما أفهمها

كثر الحديث فى الفتره الاخيره عن الديمقراطيه وحقوق المواطنه ومحاولة البعض لأظهار من يدعوا الى الديمقراطيه ويتبنى حقوق المواطنه وكأنه يدعو الى الألحاد ويحارب الأسلام مما جعلنى اراجع المبادئ العامه للديمقراطيه وحقوق المواطنه لعلى اجد بها ما يمكن أن يستدل به على تلك الأتهامات .
وادت بى تلك المراجعه الشخصيه الى مراجعة الركائز الأساسيه للمجتمعات الديمقراطيه كما افهمها وقد تمحورت تلك الركائز فى مجموعه من الشروط ساحاول عرضها بأيجاز فيما يلى .
1 -
الحكم للشعب عبر مؤسساته الديمقراطية المنتخبة من سياسية وعسكرية وأمنية بموجب الدستور الذي أقره الشعب.
2-
الفصل بين السلطات واستقلال السلطتين التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية.
3 -
حرية الصحافة والأحزاب والنقابات والجمعيات الرسمية والأهلية وصيانة حقوقها وحريتها في العمل.
4 -
الديموقراطية تقوم علي التعددية السياسية والثقافية والدينية، وهذا يتطلب تعميق مفهوم الوحدة الوطنية ووضع الخطط اللازمة بتحقيقها على أساس الولاء الوطني وليس الديني أو الحزبي أو الشعائري.
5 - ا
لاعتراف بالحقوق الوطنية والقومية والفردية لكافة قطاعات الشعب، وضمان ممارستها بشكل لا تشعر قومية معينة أو أقلية قومية أو دينية بالغبن والاضطهاد.
6 -
حقوق الإنسان العمود الفقري للحرية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية وصيانة هذه الحقوق قانونيا، وضمان حقوق الأسرة والأمومة والطفولة وحمايتها ومعاقبة الجناة الذين يعتدون على المرأة بالضرب والإغتصاب والقتل.
7 - ا
لحقوق العامة للطفل وحمايتها ، ومنع حبس الأطفال وتعذيبهم وإعدامهم.
8 -
حريه تشكيل تنظيمات سياسية تمارس عملها السياسي طبقا للدستور الذي أقره الشعب
9 -
سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء محددة طبقا للدستور.
10 -
حرية تشكيل نقابات تدافع عن حقوق العمال والفلاحين والكتاب والصحفيين والطلبة والموظفين والعاطلين عن العمل طبقا للدستور.
11 -
توفير العدالة لضحايا الجريمة وحمايتهم بموجب القانون، ومنحهم الحق باللجوء إلى المحاكم.
12 -
عدم جواز ملاحقة المعارضين السياسيين والمواطنين بسبب معارضتهم وآرائهم وعقائدهم ودفاعهم عن حقوق الإنسان ومطالبتهم بالإصلاح.
13 -
إلزامية التعليم للمواطنين في المراحل الأولى من المدرسة، ودعم وحماية المؤسسات التعليمية وحرية البحث العلمي.
14 -
حرية الحركات والمؤسسات الفكرية والثقافية والعلمية والاجتماعية والتربوية والخيرية الرسمية والشعبية، لتقوم بنشر الثقافة حول القضايا المصيرية لبلورة الوعي الوطني والأجتماعي لدى الجماهير.
والغريب اننى وعند مراجعتى لتلك المبادئ السابقه لم اجد بها ما يمكن ان يدل على تلك الاتهامات الشديد والخوف الغريب لدى البعض من الديمقراطيه .
فترى ما هو السبب الحقيقى وراء خوف البعض من الأخذ بالديمقراطيه كنظام سياسى يراعى حقوق كافة مواطني الدوله فى العيش الكريم ؟
ولقد توقفت كثير أمام السؤال السابق ولم اجد له اجابه مقنعه

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

وادى كركر

يقع وادى كركر على بعد 9 كم جنوب السد العالى وعلى 3,5 كم من شواطئ بحيرة السد
ومنذ ان بداء الحديث فى اوائل 2009 عن عزم الحكومه اعادة توطين النوبيين بوادى كركر ترددت الكثير من التساؤلات عن مدى صلاحية تلك المنطقه للتعمير ؟ فظهرفى شهر مارس 2009 تقرير للدكتور كمال ابو المجد (الأستاذ المساعد بكليه العلوم – جامعة جنوب الوادى ) يؤكد عدم صلاحية تلك المنطقه للسكن والزراعه واستند د.كمال فى تقريره على مجموعه من المحاذير العلميه توضح خطورة التوطين فى تلك المنطقه وخلص الى نتيجه انقلها كما هى وهى ( خلاصة القول من وجهة نظر الكاتب أن المشروع المقترح لإعادة توطين أبناء النوبة في وادي كركر سوف يؤدي إلي زيادة مخاطر التلوث في بحيرة ناصر بصورة مؤكدة قد تفشل معها أي جهود للمعالجة من جهة كما فيه إجحاف
بحقوق النوبيين من جهة أخري. وأري أن أفضل الأماكن لإعادة التوطين هي المناطق الشاطئية حول بحيرة ناصر جنوب كلابشة حتى أدندان.) . أعقبه مباشرة تقرير من ذات الكليه (كلية العلوم جامعة جنوب الوادى ) يكذب تقرير د.كمال ابو المجد ويؤكد ان المنطقه امنه وصالحه لأقامة مشروع توطين النوبيين . وعلى الرغم من تضارب التقارير فقد اعلان محافظ اسوان عزم الدوله المضى فى تنفيذ المشروع بل وحاول وبالتنسيق مع رئيس النادى النوبى بالقاهره عقد لقاء مع النوبيين بالقاهره لشرح الوضع لهم
ولكن النوبيين قابلوا الموضوع بالرفض ونظموا وقفه اعتراضيه على سلالم نقابة الصحفيين فى30 ابريل 2009 لأعلن رفضهم للمشروع وتمسكهم بالعوده الى مناطقهم الأصليه على ضفاف البحيره فتم التراجع عن الموضوع واعادة البحث فى البدائل الممكنه لتنفيذ العوده .
ثم وفى اغسطس2009 فؤجى الجميع بقيام بعض القيادات التنفيذيه والحزبيه من النوبيين فى اسوان بالتوقيع على محضر بالموافقه على اقامة مساكن تعويضات المغتربين فى وادى الأمل وذلك لعدم صلا حية وادى كركر وانهم
لايوجد اى مطالب اخر للنوبيين بخلاف المساكن المزعم انشائها بوادى الأمل حسب ما جاء فى المحضر وأعترض الكثيرين على ذلك المحضر وأعتبروه محضر للتفريط فى الحقوق المشروعه لأنه ينهى المطالب النوبيه ببيوت المغتربين فى الأمل .
والغريب والمثير للدهشه انه لم يكد عام 2010 يبداء حتى عاد المسؤلين الحكوميين الى الحديث عن وادى كركر .واكثر ما يثر الدهشه انه لم يعترض احد على هذا الأعلان سواءَ ممن وقع على محضر اغسطس او ممن اعترض عليه ثم قام وزير الاسكان فى شهر مارس 2010 بوضع حجر الأساسى للمشروع واعلن ان الحكومه ستراعى عند البناء ان تكون المنازل مطابقه للنمط المعمارى الذى ألفه النوبيين .
ولم يتكلم احد عن صلاحيه او عدم صلاحية تلك المنطقه حتى جاء يوم 10 يوليو 2010 لتطالعنا صحيفة اليوم السابع بتصريح للدكتور ممدوح حمزه المهندس الأستشارى العالمى يعلن فيه صلاحيه وادى كركر للسكن واحتوائها على مساحة عشرة الاف فدان صالحه للزراعه وانه تعتبر احد المناطق المناسبه لتوطين النوبيين وبالأضافه الى اماكن اخرى مثل (وادى الأمل – جرف حسين – كلابشه – السياله – عمده – السبوع – خور قندى ) وهى نفس المناطق التى يطالب النوبيين بها .

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=256122&
ثم وفى اوائل شهر اغسطس الماضى يفاجئ الجميع بقيام وزير الأسكان بزياره تفقديه لمشروع كركر بناءاَ هلى تعليمات من الرئيس الذى يضع حل مشاكل النوبيين على رأس اهتماماته حسب ما ورد بالصحف وخاصةَ الأهرام http://www.ahram.org.eg/254/2010/08/10/27/33303.aspx
والمفاجأه هنا ليست فى التصريح فما اسهل اطلاق التصريحات والوعود التى لاتعدو ان تكون فى اغلب الأحيان بلا قيمه تذكر ولكن المفاجأه والدهشه فى توقيت الزياره فى أغسطس حيث الحراره الشديده وصيام رمضان وذلك الزخم الأعلام الكبير . المهم تمت الزياره وصفق المصفقين وهلل المهللين وعاد الوزير الى القاهره لنفاجئ به يصرح لجريده اليوم السابع بعد بضعة ايام من الزياره المكوكيه( بعدم صلاحية اراضى وادى كركر للزراعه وبأن وزارة الأسكان بتخصيص اراضى اراضى اخرى للزراعه بالقرب من المشروع حتى يعمل اهالى النوبه بها ) حسب ما ورد بالجريده .
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=267172&
وحقيقةَ فأننى لااجد أى تعليق مناسب للرد على هذا التصريح المستفز ولكنى عوضا عن التعليق سأقوم بعرض بعض الصور التى التقطت للزياره المكوكيه بواسطه أحد الأصدقاء اثناء قيامه بتغطية الزياره  . وايضا ثلاثة مقاطع فيديو تصور رحله قام بها نفس الصديق الى موقع المشروع يوم 12 ستمبر2010
وبصراحه الصوره والفديوهات كافيه للحكم على المشروع ولن اعلق عليها فهى تشرح نفسها .





<








الأحد، 12 سبتمبر 2010

مائة عام من الأحزان النوبية


من كتيب تم إعداده بواسطة مجموعة من النشطاء في العمل النوبي العام
جغرافية المنطقة النوبية
في مطلع القرن العشرين كانت بلاد النوبة تتكون من 39 قرية على امتداد 350 كيلومترا جنوب أسوان حتى خط عرض 22 (وادي حلفا) على ضفتي النيل شرقا وغربا .
وتتكون القرى النوبية من مجموعات متباعدة من المساكن تفتح أبوابها على نهر النيل، وامتدت تلك المساكن في نجوع بلغ مجموعها 535 نجعا
وتميزت مساكن النوبة عن غيرها من المساكن بالمناطق الأخرى في عدة وجوه أهمها ارتباطها باختيار أماكن البناء على مستويات الأرض ذات الطبيعة الصخرية، إذ تتدرج الأراضي في الانخفاض من الشرق والغرب نحو النيل، فكان من الطبيعي أن تجد غرف البيت الواحد على اتساع المساحة المقامة عليها تتفاوت في ارتفاعاتها ليسمح بوجود تيارات هوائية، ويبلغ ارتفاع الجدار حتى أربعة أمتار، ونظرا لطبيعة المناخ الجافة الحارة فإن العمارة النوبية تواءمت مع البيئة وتميز هذا التشييد بوحدة أساسية هي الحوش السماوي الذي تفتح عليه حجرات البيت.


إنشاء خزان أسوان (1902م) :عند انتهاء بناء خزان أسوان عام 1902 ارتفع منسوب المياه خلف الخزان إلى 106 أمتار ليغرق مساكن وأراضي زراعية وسواقي ومزروعات ونخيل وأشجار عشر قرى نوبية هي : دابود ودهميت وأمبركاب وكلابشة وابوهور ومرواو وقرشة وكشتمنة شرق وغرب وجرف حسين والدكة ، (مرجع 4 ص 23) . واجهت تلك القرى العشر آثار بناء الخزان وحدها دون أن تنال اهتماما رسميا أو إعلاميا في ذلك الوقت .

التعلية الأولى للخزان (1912م) :


لم تلتئم بعد جروح أبناء النوبة من أثر بناء الخزان، فإذا بكارثة التعلية الأولى للخزان تتسبب بطوفان جديد عام 1912، ليرتفع منسوب مياه الخزان إلى 114 مترا ويتسبب في إغراق ثماني قرى نوبية أخرى هي قورتة والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترومة. ومرة أخرى استخفّت الدولة بآلام النوبيين وكارثتيهم، ولم ينصف أحد هؤلاء النوبيين المنكوبين وكأنهم خارج نطاق المواطنة، كما لم تتناول وسائل الإعلام كارثتهم وما حل بهم، حتى السياسيون والأحزاب المختلفة في ذلك الوقت لم يلتفتوا إلى تلك الكوارث التي تحل بالنوبيين جنوب مصر .

التعلية الثانية عام 1932م:
النوبيون الذين فقدوا كل ما يملكون من حطام الدنيا وأصبحوا منكوبين قولا وفعلا، فاجأتهم التعلية الثانية للخزان عام 1932 فأغرقت مياهها هي الأخرى عشر قرى نوبية هي المالكي وكروسكو والريقة وأبوحنضل والديوان والدر وتوماس وعافية وقتة وأبريم وجزيرة أبريم، بينما أضيرت بقية القرى النوبية الإحدى عشرة الأخرى وهي عنيبة ومصمص والجنينة والشباك وتوشكى شرق وغرب. حينئذ ارتفع أنين النوبيين بالشكاوي. وبعد أكثر من ثمانية عشر عاما من بناء الخزان،

بنود مجحفة ونخطي إجراءات قانون نزع الملكية

أصدرت الدولة القانون رقم 6 لسنة 1933 الخاص بنزع ملكية أهالي النوبة وتقدير التعويضات اللازمة لمواجهة كوارث أعوام 1902 و 1912 و 1932، إلا أن القانون حفل ببنود مجحفة في حق النوبيين، منها ما تم رصده في مذكرة النادي العربي العقيلي عن تعويضات منكوبي خزان أسوان والتي أرسلت إلى مجلس الشيوخ بتاريخ 16 صفر 1363هـ 12 فبراير 1944 ميلادية
وقبل أن نبين لحضراتكم الأساس الذي قام عليه تقدير التعويضات، نرى أنه لابد من ذكر القانون رقم 6 لسنة 1933 الذي لجأت إلى إصداره حكومة ذلك العهد متخطية الإجراءات العادية التي ينظمها قانون نزع الملكية العام، وذلك لحاجة في نفس أعضائها. وقد أبان عنها معالي شفيق باشا وزير أشغال ذلك العهد عند عرض ذلك القانون على مجلس الشيوخ بجلسة 29 فبراير سنة 1933 إذ قال معاليه "أنفقت مصر الملايين على إنشاء خزان أسوان وتعليته وكل حضراتكم متشوق إلى زيادة المياه وآمالنا الآن الطريقة لتخزينها فلو أننا انتظرنا خمس سنوات حتى تتم إجراءات نزع الملكية بالطريق العادي لحرمنا إذن مصر من المياه حرمانا مادياً بدون مبرر.
فاتباعنا القانون العادي في إجراءات نزع الملكية هو حرمان مصر من المياه طول هذا الزمن.. وإذا مكننا القانون المذكور من وضع اليد في الحال على الأطيان فانه لا يمكن لا للقضاء ولا للخبراء ولا أصحاب الشأن من معرفة معالم الأرض بعد غمرها في نوفمبر المقبل".
فرد عليه شيخ أغضبه تبرير الوزير لهذا القانون قائلاً "أين كنت مدة الثلاث السنوات الماضية حينما تقررت التعلية؟ لم لم يعمل هذا من قبل وهل تنطبق السماء على الأرض لو أجلنا إملاء الخزان للمنسوب الجديد سنة أخرى وقد مضى علينا ثلاثون سنة على هذه الحال؟"

التعسف في تطبيق القانونوالقانون المذكور قضي بنزع ملكية المناطق المنكوبة "النوبية" بأجمعها ولم يترك للمنكوبين فرصة للمعارضة في تقدير التعويضات إى فرضتها الحكومة تعسفاً إلا مدة 15 يوماً وهي مدة قصيرة لم يتمكن إلا الكثيرون خلالها من الاطلاع على مقدار تعويضاتهم هذا فضلاً عن جهل أغلبية الأهالي بطرق المعارضة في التقدير حتى أن الكثيرين منهم لم يعلموا بذلك الطريق القانوني للمعارضة إلا بعد فوات ميعادها

توازى سلسلة المظالم على النوبيين مع تعويضات هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع. ولنبين فضيحة تلك التعويضات نقرأ ما كتبه الأستاذ محمد مراد سنة 1947 ميلادية ( ألقى المغفور له الأستاذ عبد الصادق عبد الحميد بياناً في مجلس النواب أثناء نظر ميزانية وزارة الأشغال سنة 1936 دلل فيه على أن التعويض مع كثير من التساهل والتجاوز كان يجب أن يقدر بمبلغ 3600000 ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه، على حين أن الحكومة قدرتها بمليون وسبعمائة ألف ثم خصمت منها حوالي نصف مليون بأساليب جهنمية ولا يزال من هذا المبلغ بقية في ذمة الحكومة إلى اليوم وذلك بفعل موظفيها الذين يريدون التنزه كل عام في بلاد النوبة وجوها البديع في الشتاء مع التمتع ببدلات السفريات).
ولنبين كيف يستهين الموظفون بالنوبيين ولا يعتبرونهم مواطنين مثلهم، نستمر في نقل ما كتبه الأستاذ محمد مراد، فحين قرر وزير الأشغال عام 1944 توزيع 406 فدان على بعض المنكوبين النوبيين في ناحية القرنة البعيرات اعترض الموظفون وكتبوا مذكرة قائلين فيها (أن هذه الأطيان أجود من أطيان بلاد النوبة وأن التعويض يجب أن يكون مماثلاً). هذا هو أسلوب موظفي الحكومة كباراً وصغاراً تجاه النوبيين الذين ضحي بهم في سبيل عموم مصر، لم يقدر مسئول منهم أن هؤلاء البشر أخرجوا من ديارهم وأوطانهم وأنهم في حالة بائسة.
هذه المظالم تم تجاهلها من قبل أصوات كانت تنادي آنذاك بالاستقلال والحرية والمساواة لمصر، مما زاد من المرارة والشعور بالهوان لدى النوبيين. مع التجاهل التام من قبل

المطالب النوبية في البرلمان


وإزاء تلك المحنة، انتقل النوبيون إلى سفوح الجبال ليبنوا مساكن لهم على طول نهر النيل، فاستنزفت تلك المساكن الجديدة أكثر مما أخذوه من تعويضات سخيفة مقابل أراضيهم ومساكنهم الأصلية التي غرقت. وفي عهد حكومة مصطفي النحاس عام 1936

كان أول مطلب للنوبيين حمله نائب النوبة في البرلمان: عبد الصادق عبد المجيد بعد الانتخابات، هي أعاده النظر في التعويضات التي صرفت للأهالي ومنح أبناء النوبة أراضى صالحة للزراعة شمال أسوان وجنوب قنا بدلا من الأراضي التي أغرقها مياه الخزان؛ والجدير بالذكر أن مصطفي النحاس قال عند إلقائه خطاب العرش في تلك الدورة البرلمانية (وستعمل حكومتي على إقامة مشروعات للري في بلاد النوبة تعويضا عما فقدوه وتقديم كافة الخدمات لأهلها).

ونتيجة لشعور النوبيين بتشعب مشكلتهم وأهمية منطقتهم وحيويتها لأمن وادي النيل الإستراتيجي وخاصة لمصر وضرورة أستقرارها؛ تقدم النائبان النوبيان في البرلمان عام 1947:سليمان عجيب وشاهين حمزة باقتراح مشروع ربط سكة حديد مصر والسودان بتكلفة 4 مليون جنية، ولم تأخذ الحكومة هذا الاقتراح بمحمل الجّد؛ وهكذا تم فصل السودان عن مصر كما هو معروف فيما بعد.
تغيرت البيئة النوبية نتيجة لزيادات منسوب النهر المتتالية فتحولت إلى بيئة تنتشر فيها الأمراض والأوبئة مثل التيفود والدفتريا والحمى والملاريا والبلهارسيا، وهلك الكثير من النوبيين نتيجة سوء التغذية وانعدام الخدمة الصحية،


ظلم البيروقراطية عام 1960:
ومرة رابعة، بدأت بشائر طوفان جديد، ففي بداية عام 1953 بدأت الدولة تجري دراسات حول مشروع السد العالي من كل جوانبه الهندسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي إطار تلك الدراسات أجرت وزارة الشئون الاجتماعية مسوحات سكانية واجتماعية للنوبيين عام 1960 يتضح منها الآتي:
• إجمالي تعداد النوبيين 98609 نسمة (ثمانية وتسعون ألفاً وستمائة وتسعة)
• المقيمون منهم 48028 نسمة (ثمانية وأربعون ألفاً وثمانية وعشرين)
• والمغتربون سعيا وراء توفير لقمة العيش 50581 نسمة (خمسون ألفاً وخمسمائة واحد وثمانين)
• أما عدد الأسر المقيمة بالنوبة فبلغت 16861 نسمة (ستة عشر ألفاً وثمانمائة واحد وستون)
• الأسر المغتربة 8467 نسمة (ثمانية آلاف وأربعمائة سبعة وستون)


دراسة مستقبل المنطقة

ثم تشكلت بعد ذلك لجان لمواجهة الآثار الجانبية لمشروع السد العالي، ودراسة مستقبل المنطقة بقراها التسع والثلاثين وسكانها المائة ألف وما يملكون من أراضي زراعية ومساكن ومواشي وحياة استمدت كينونتها مقبل التاريخ بآلاف السنين. بلاد مترعة بالتراث النوبي الحافل بالعديد من الحضارات التي عاشتها المنطقة منذ العصر الحجري وحتى الآن كما بينا سابقا .

وباستقراء الإحصاءات السابقة يتضح أن نسبة الأسر النوبية التي تعيش بعيدا عن موطنها نتيجة لإفقار المنطقة من أثر بناء الخزان وتعليتيه بلغت 5ر33% هاجرت بالكامل وأن 5ر28% من الأسر هاجر بعض أفرادها. كما تبرز إحصائية وزارة الشئون الاجتماعية أن نسبة السكان النوبيين من ذوي المهن بلغت 23% من إجمالي تعداد النوبة، في حين نجد أن نسبة 7ر26% من ذوي المهن في مصر عموما في ذلك الوقت،


توزيع نسب النوبيينوتتوزع نسبة النوبيين من ذكور وإناث على المهن على الوجه الآتي
:
خدمات صناع نقل محاجر زراعة إدارية وكتابية تجارة مهن علمية النوع
9,8 5 4,6 - 71 3,3 3,1 3,2 ذكور %
2,1 1,4 - - 96 - - - إناث %
7 3,6 2,9 - 80,3 2,1 2 2 تعداد مصر

ويتضح من الجدول السابق أن نسبة المشتغلين بالزراعة من النوبيين أعلى من النسب على مستوى الجمهورية. والغريب أن نسبة المهاجرين النوبيين من قراهم المشتغلين بالزراعة لم تزد عن 1% من إجمالي النوبيين العاملين بالزراعة. (مرجع 4 ص55). هذه الملاحظة تدحض الكثير من المزاعم التي روجها المغرضون في السابق والحاضر من أن النوبيين لم يشتغلوا بالزراعة. فهذه الإحصاءات بينت أن النوبيين فلاحون أصلاً، وأن ضياع مهنة الفلاحة منهم سببها غرق أراضيهم وفشل المسئولين في إدارة عملية التهجير وعدم تفكيرهم في إعداد النوبيين لبيئتهم الجديدة.

وليداري الموظفون فشلهم، اخترعوا الأكذوبة التي روجوها بأن النوبيين غير مزارعين وفاشلين في فلاحة أراضيهم التي تسلموها في التهجير. والفاشلون هم، والكاذبون هم.

صدمة التهجير 63/1964:واصلت الدولة تنفيذ مشروع السد العالي، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، أما النوبيون كبشر ومواطنين وهم الذين تعايشوا مع هذه الآثار فجاء حظهم العاثر في ذيل اهتمامات الدولة والمجتمع الدولي، فتم ترحيلهم على عجل إلى هضبة كوم أمبو وإسنا، إلى منطقة لا نهر فيها ولا إرث ولا تراث. بقي معهم ما حمل وجدانهم من عشق لوطن فقدوه تحت مياه السد العالي. تم ترحيل النوبيين دون ما أية دراسات تأخذ في الاعتبار آدميتهم وتاريخهم ونضالهم وتضحياتهم في سبيل الوطن.

هكذا تم ترحيلهم عشوائياً وفقا لجدول زمني مختزل سريع، رغبة في إخلاء بلاد النوبة قبل 15 مايو 1964 موعد تحويل مجرى نهر النيل، فترك معظم النوبيون الكثير من متاعهم في الوطن المهجور وحشروا في صحراء كوم أمبو وإسنا في مساكن خالفت المساكن التي ألفوها وخلافا للمسكن النموذجي الذي وعدوا به وشاهدون قبل عملية التهجير. بالإضافة لعدم تواجد مياه صالحة للشرب ولا كهرباء، مع استحالة تربية مواشي وطيور وهي تمثل أهم عناصر الحياة والدخل بالنسبة للمواطن النوبي المزارع؛ وبالتالي تعذر نقل هذه الحيوانات معهم إلى المهجر الجديد؛ في حين ان إخوانهم النوبيون السودانيون وأبناء عمومتهم فعلا لا قولا أثناء هجرتهم إلى خشم القربة(مهجرهم الجديد) خصصت الحكومة السودانية لكل قطار مصاحب لأفواج المهاجرين طبيبا بيطريا لرعاية حيواناتهم الزراعية.
المشاكل والابتلاءات المصاحبة للتهجير

تكررت مأساة أشد هولا مما حدث من ربع قرن مع بلاءات خزان أسوان، فلا المساكن الجديدة استكملت ولا الأراضي الزراعية استكمل استصلاحها ولم تسلم للنوبيين إلا بعد مرور من أربع لخمسة سنوات، وأصيب الأطفال بنزلات معوية وفقد الكثير منهم حياتهم، والشيوخ أصيبوا بالاكتئاب نتيجة اختلاف المناخ وصعوبة ملاءمة المنطقة لأسلوب ونمط معيشة النوبي فمات منهم الكثير.

عذر أقبح من الذنب
كانت حجة الحكومة بموظفيها والتي حاولت لجنة تقصي الحقائق المنبثقة من مجلس الأمة في مضبطة 5 يناير 1970 ملحق 6، أن ضخامة المشروع السبب في كل العيوب مع عامل الزمن وضيق الوقت. نفس الحجة التي هي أقبح من ذنب، والتي ادعاها وزير الأشغال مجلس الشيوخ بجلسة 29 فبراير سنة 1933، أي قبلهم من سبعة وثلاثين عاماً كاملة. ومازالت التبريرات غير المقبولة مستمرة ومازالت الاستهانة بالنوبيين قائمة.

يقول إبراهيم عبد الرسول (مرجع رقم 1 ص 39) (الشئون الاجتماعية تصرف مبلغ ثلاثة جنيهات كمعاش شهري للأسرة النوبية المهجرة، هذا المبلغ لا يكفي لتغذية ما لدى الأسرة من ماعز وأغنام، حيث وصل سعر ربطة البرسيم في ذلك الوقت عشرة قروش).


الشروط المبرمة مع الدولة
ارتضى النوبيون بالهجرة إلى كوم أمبو وإسنا وفقا لشروط أبرموها مع الدولة تتلخص في أرض زراعية بالنوبة مقابل أرض زراعية بالمهجر ومسكن في النوبة مقابل مسكن بالمهجر، طبقاً لما شاهدوه وعاينوه قبل الهجرة في أسوان كمسكن نموذجي. وبناء على تلك القاعدة القانونية قرأ النوبيون كافة القرارات والقوانين التي صاحبت عملية التهجير، وعلى الأخص قرار رئيس الجمهورية بمرسوم القانون رقم 67 لسنة 1962 في شأن نزع ملكية الأراضي التي تغمرها مياه السد العالي، وكذلك القرار الوزاري الذي أصدرته الشئون الاجتماعية برقم 106 بتاريخ 24/9/1962 بشأن قواعد تعويض وتمليك إسكان أهالي النوبة. لكن التنفيذ جاء مخيبا لآمال النوبيين الذين ظنوا أن الدولة ستعاملهم معاملة صغار المزارعين أو شباب الخريجين أو حتى المعدمين الذين تم تعويضهم في مديرية التحرير والنوبارية، وهؤلاء لم يكونوا يملكون إرثاً ولا وطناً ضحوا به مثلما ضحى النوبيين.

لم يتسلم النوبيون مسكناً وخمسة أفدنه وحيوان زراعي لبدء حياة جديدة وكريمة، أسوة بالمعدمين الذين لم يضحوا ولم يعانوا مثلما عانى النوببيون.

جسامة الغبن الذي وقع على النوبيين
ولكي ندرك حجم الإجحاف والظلم الذي وقع على النوبيين المصريين، دعونا نلقي نظرة سريعة مقارنة لما حدث للنوبيين السودانيين الذين هُجروا من قرى وادي حلفا إلى منطقة التهجير الجديدة (خشم القربة) حتى نتبين جسامة الغبن الذي وقع على النوبيين المصريين. ترى ماذا فعلت الحكومة السودانية لتهجير النوبيين هناك؟ في خشم القربة المسكن مساحته 350 متر مربع إضافة إلى حديقة صغيرة أمام المسكن وحظيرة للبهائم. لكن في كوم أمبو وإسنا (مصر) أكبر مسكن مساحته 150 متر مربع بلا حديقة ولا توجد حظيرة للبهائم . والنوبي السوداني يحصل على مسكن بصرف النظر عن كونه مقيما أو غير مقيم. بالنسبة للنوبي المصري المسكن للمقيم فقط أما المغترب –أطلقت الحكومة هذا المسمى لغير المتواجد في قريته النوبية أثناء الحصر، بسبب بحثه عن الزرق بعد أن أغرقت الحكومة أرضه- فلم تبن لهم مساكن حتى يومنا هذا، أي بعد مرور أكثر من أربعين عاما على الهجرة، لم تنفذ الحكومة ما وعدت به النوبي المصري المغترب كما أطلقت عليه. وبالنسبة للأراضي الزراعية فقد كانت الحكومة السودانية رحيمة بالنوبيين حيث لم تكتف بقاعدة الفدان مقابل الفدان، بل أضافت لكل صاحب مسكن سواء كان مالكا لأرض زراعية أو معدما مساحة 15 فداناً (حواشة) وضعف المساحة للنوبي الذي يملك أرضا زراعية، أما في مصر فقد وزعت الحكومة على المقيمين ما سمي بفدان الإعاشة والذي مساحته الحقيقية من 14 – 18 قيراط للأسرة الواحدة. فما أشد الظلم والهوان المستمرين على النوبيين المصريين.
قانون مخالف للقواعد الدستورية

النوبيون المصريون يعتبرون أن القانون 67 لعام 1962 مخالف للقواعد الدستورية المعمول بها حيث أغفلت حق الاعتراض على التعويضات وهذا حق لكل مواطن طبقاً لقوانين الدولة. واشترط القانون المذكور أن يقدم الطاعن اعتراضه للجنة مشكلة من عضو مجلس الدولة بالإضافة إلى أحد موظفي المساحة، وهي نفسها الجهة التي قدرت القيمة النقدية للتعويض. أما القرار الوزاري رقم 106 لسنة 1962 والذي خصص المساكن في النوبة الجديدة للأسرة التي تتكون من زوجين ووالدين والأبناء والأحفاد في مسكن واحد (مادة 12)، وهذا يتنافى مع مفهوم الأسرة في المجتمع المصري حيث يعتبر أن الأسرة تتكون من زوجين وأطفال فقط. وينتظر النوبيون المصريون في إعادة المفهوم القانوني الأساسي لكل من القانون والقرار السابقين حتى لا يورثوا مرارتهم وضغينتهم للأجيال النوبية الشابة، ولاسيما وأن هذه الأجيال ليس لديها القدرة على الصبر والتروي في المطالبة بحق تجاهلته الدولة منذ أربعين سنة .

-إطلالة على تعويضات النوبيين:-

عند بداية عملية التهجير قدرت الحكومة قيمة التعويضات التي تصرف للنوبيين كالآتي :

النوع الوحدة العدد الثمن بالجنيه المصري
أطيان زراعية فدان 957ر15 720ر155ر2
نخيل واحدة 380ر044ر1 478ر973ر1
السواقي ساقية 064ر1 920ر20
المباني منزل 966ر35 700ر886ر1
هذه المبالغ الهزيلة تم تقديرها على أسعار عامي 1902و1912 وتم صرف نصف قيمتها عامي 63 و1964 دون أي مراعاة لفروق الأسعار والتضخم الذي صار مع مرور السنين، فهل يعقل أن تقدر ثمن النخلة بخمسين قرشا وأحيانا بعشرة قروش، وفدان الأرض بأربعين جنيها وأحيانا بعشرين جنيها، أما الغرفة المسقوفة في المسكن فقدرت بخمسة جنيهات فقط. هكذا أمر من بيده السلطة والتسلط وهي قرارت إذعان على مواطنين في حالة ضعف وضياع، وكما يقول الأستاذ إبراهيم عبد الرسول (مرجع رقم 1 ص97) النخلة في رشيد بثلاثة وأربعين جنيها وفي النوبة المصرية تساوي خمسون قرشا وفي النوبة السودانية فبخمسة عشر جنيها، علما بأن نوعيات البلح الإبريمي في مصر هو نفس البلح الإبريمي هناك. يذكر ماهر ذكي في كتابه إجمالي الميزانية التي تم صرفها في عملية التهجير في البنود الآتية:

بناء مساكن النوبة الجديدة 18450000 جنية
التعويضات للأهالي 200000 جنية
تكاليف حصر الممتلكات 462000 جنية
المساعدات والإغاثة 820000 جنية
النقل المائي 300000 جنية
النقل البرى 84000 جنية
المصروفات الإدارية 250000 جنية
تكاليف إصلاح 15 ألف فدان بكوم أمبو 4366000 جنية
الإجمالي العام 24932000 جنية


قيمة التعويضات اقل المصروفات الإدارية
وهذه الأرقام توضح بجلاء مدى الغبن الواقع على النوبيين؛ فقيمة تعويضاتهم النقدية أقل من المصروفات الإدارية التي لزم أنفاقها على إجلائهم إلى كوم أمبو واسنا!! بل نزيد ونقول أن جريدة الأهرام نشرت في عددها الصادر يوم 13 مارس 1963 ما يفيد أن التهجير ينحصر في المدة من الخامس من أكتوبر إلى السابع من مايو 1964 مع تصريحات جديدة مفادها أن تعويض أهالي النوبة عن غرق بلادهم تحت بحيرة السد العالي تبلغ 6ر5 مليون جنية ستصرف لعدد 16861 أسرة من الأهالي، وتوضح الجريدة بنود الصرف على النحو التالي: 25 ألف مسكن يقدر ثمنها بمبلغ 1ر9 مليون جنية؛ و15 ألف فدان من الأراضي الزراعية ثمنها 2ر2 مليون جنية؛ و1000 ساقية وبئر مياه شرب ثمنها 20 ألف جنية؛ ومليون نخلة ثمنها 2 مليون جنية. هذا ما كتبته الأهرام. وطبقا لهذه الوعود المجحفة فالمسكن ثمنه 75 جنية؛ والفدان ثمنه 110 جنية؛ والساقية والبئر 20 جنيها؛ والنخلة ثمنها 2 جنية. فأين العدل في تلك القيمة الظالمة؟ وهل تعاملت الحكومات المصرية على تعاقبها، هل تعاملت مع النوبيين على أنهم فعلاً مواطنين مصريين؟
وبناء على ما سبق فالواجب على الدولة أن تعيد فتح ملف قضية التعويضات الظالمة التي صرفت للنوبيين نتيجة الإجلاء الذي تعرضوا لها عامي 63 و1964. واجب على الدولة وحق لنا معشر النوبيين ولن نتنازل عنه.

2 – مشكلة الإسكان والسكان :
يتميز السكن في الموطن النوبي الأصلي بالحفاظ على العادات والتقاليد الاجتماعية التي يعتز بها النوبيون ومن أهمها التكافل الاجتماعي. والعمارة النوبية التي لخص فلسفتها شيخ المعماريين المهندس حسن فتحي بأنها "نظام حياة وليست إيواء" فالبيوت تطل على النهر العظيم، وفناؤها مكشوف إلى السماء ومزودة بحظيرة مستقلة للمواشي والطيور، والمسكن مقام على مساحة 350 – 500 متر مربع من خامات البيئة .
أما في المهجر فقد بنيت المساكن متلاصقة ضيقة وحشر فيها النوبييون، كما تخلل قراهم أسر غير نوبية مما ألغى الخصوصية النوبية وأسلوب التكامل الاجتماعي والأمني الذي توارثوه جيلا بعد جيل في النوبة الأصلية، بالإضافة إلى عدم استكمال المرافق اللازمة وعدم معالجة التربة غير الصالحة التي بنيت عليها هذه المساكن مما جعلها عرضة للانهيارات المتتالية، الأمر الذي تحمل معه النوبيون نفقات باهظة تزيد كثيراً عما تلقوه من تعويضات سابقة، لجعل تلك المساكن صالحة للسكن الآدمي ، (مرجع 4 ص 16). وهذا نفس ما حدث عند بناء الخزان عام 1902 ثم تعليته عام 1912 وتعليته الثانية عام 1932، ففي كل مرة يضطر النوبيون أن يبنوا بيوتهم أو يرمموها ينفقون أموالاً أكثر مما أخذوه كتعويض من الحكومات المتعاقبة.

ولتبيان حجم السكان في منطقة النوبة الأصلية قبل التهجير وبعده، نستعرض إحصائيات التعداد السكاني في المائة عام الأخيرة كي تتضح حجم المشكلة السكانية والإسكانية التي تعاني منها النوبة في الوقت الحالي
:(منهج ص19,30)
عدد الأسر النوبية نسبة الزيادة% حجم السكان المقيمين بالمهجر سنة التعداد
0 45.708 1882
3.5 61.839 1907
-0.6(سالب) 58.028 1927
15658 -2.2(سالب) 45.169 1947
14517 -2.3(سالب) 44.108 1960
31.341 11.3 154.023 1980(تقديري)
47.979 53 143.938 2000(تقديري)

تدهور مصاحب لتعليات الخزان

الملاحظة أن حجم السكان في بلاد النوبة تدهور في سنوات التعليات المتكررة لخزان أسوان إلى درجة انعدام الزيادة السكانية بل ونقصها في سنوات المحنة. وعند إجراء حصر لعدد المساكن في المنطقة عام 1962 قبل التهجير بلغ عددها طبقاً لتقديرات الحكومة حوالي 24 ألف مسكن، وقررت الحكومة حينذاك أن تبني في المرحلة الأولى 15.589 مسكناً بواقع 65% من العدد المطلوب و تم تأجيل بناء 8411 مسكناً في مرحلة تالية أطلق عليه إسكان المغتربين، وهي تسمية باكية مضحكة كما كان يراها أ/عبد الرحيم إدريس عضو مجلس الأمة في ذلك الوقت، هل أبجديات العمل الاجتماعي أن يسمى من ولد بمحافظة المنوفية و تمتلك أسرته مسكناً بالمنوفية ثم أنتقل إلى القاهرة للعمل أو خلافه، أن يسمى مغترب عن المنوفية !!!
مساكن معيقة للأمان والخصوصية
وهكذا تسلم النوبيون مساكن تم تصميمها و توزيعها بطريقة خيبت آمال الكثيرين، وصارت مصدرا للتوتر والمتاعب الكثيرة التي جسدت قضية من أهم القضايا التي واجهت النوبيين في منطقة التهجير. فمن وجهة نظر النوبة مثلاً أن المساكن متلاصقة تلاصقاً يعوق معه الأمان والخصوصية، وهما أمران لهما قيمة كبرى بين النوبيين في وطنهم الأصلي. علاوة على أن النوبيين لم يتعودوا على إشراك الحيوانات معهم بالمنازل. بالإضافة إلى أن بناء المساكن من الأحجار والأسمنت (خاصة بالسقف) مع قصر الجدران النسبي في مساحة المسكن أيضا، أثبت عدم الملائمة المعمارية مع الظروف الطبيعية والعادات الاجتماعية. مثلا حالات الأرامل أو المطلقات أو الشيوخ الذين كانوا يعيشون وسط أقاربهم و معتمدين على مساعدتهم وفقا لما تحدده التقاليد والأعراف، والذي وفقا للنظام الجديد اخذوا مسكناً ذو حجرة واحدة يقع بعيدا عن باقي مساكن الوحدات العائلية الأخرى ....
الحكومة تخل بالعهدعلماً بأن الحكومة بنت مسكناً قالت أنه النموذج للمساكن التي سيتم بناؤها في منطقة تهجير النوبيين، لكن في الواقع لم تف الحكومة ولم تبن المساكن للنوبيين حسب النموذج الذي بنته في أسوان ورآه النوبيون ووافقوا عليه، وبهذا أخلت الحكومة بوعد وميثاق آخر أخذته مع النوبيين.
وبعد مرور أربعين عاما من التهجير لم تف الدولة بما وعدت به من استكمال المرحلة الثانية من مساكن المغتربين إلا بنسبة 25% رغم ازدياد عدد الأسرة النوبية طبقا للجدول السابق، والذين لهم الحق في المأوى والسكن الملائم تعويضا عما فقدوه طبقا لمواثيق حقوق الإنسان، وهل كتب على النوبيين أن ينتظروا أربعين عاما أخرى لاستكمال تلك المرحلة الباكية المضحكة من خطة الإسكان ؟ وهل ستكتفي الدولة ببناء 8411 مسكناً طبقا لخطة 1960 أم ستراعي نمو عدد أفراد الأسرة المقيمة بالمنطقة والتي بلغ عددها ضعف الأسرة النوبية أثناء الهجرة على أقل تقدير؟
وما ذنب النوبيين إذا تقاعست الدولة عن أداء واجباتها نحو رعاية مواطنيها؟
ولمَ لم يتم بناء تلك المساكن في توقيتها المحدد؟
ومن المعروف أن النوبيين لديهم مفاهيم اجتماعية وتعاونية؛ أسسوا فيما بينهم الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لأبناء النوبة بالقاهرة الكبرى وأسوان؛ بهدف التغلب على المشكلة الإسكانية عامة وللقيام بجهد إيجابي، خاص في حل مشكلة إسكان المغتربين النوبيين بالمهجر؛ ولاسيما بعد أن تقاعست الدولة عن حل هذه المشكلة لمدة أربعين عاما الماضية وتفاقمت ولم يعد في مقدور النوبيين الانتظار لمدة أربعين عاما أخرى؛

المفاهيم الاجتماعية والتعاونية

تقدمت الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بمذكرة للعرض على وزير الإسكان بتاريخ 25/7/992 برغبتها في تعمير منطقة النوبة بأسلوب تعاوني. وافق الوزير على بنود المذكرة التي تقدمت بها جمعية الإسكان النوبية بنفس التاريخ وهى:
أ‌- بناء مساكن على الطراز النوبي وبالخامات المحلية لن تتعدى تكلفتها 12 ألف جنية
المسكن في المهجر يكلف الدولة 45 ألف جنية وتعرض سنويا لعمليات الترميم بتكلفة 5 ألف جنية‍‍
ب‌- يخصص خمسة أفدنه مستصلحة لكل مسكن.
ت‌- توفير قرض تعاوني 4 آلاف جنية لكل مسكن تقسط على 27 سنة ويسدد العضو مقدما مبلغ ألف جنية لجدية التعاقد.

ثم تقدمت الجمعية بمذكرة أخرى للعرض على الوزير بهدف تحديد مناطق الاستيطان النوبي حول البحيرة؛ ووافق الوزير بتاريخ 2/8/1993 على مناطق الاستيطان آلاتية:
 منطقة التكامل (أدندان وقسطل) شرق البحيرة.
 منطقة أبو سمبل (قرية السلام- بلانة) غرب البحيرة.
 منطقة توماس وعافية وعمدا؛ غرب البحيرة.
 منطقة كلابشة وجرف حسين؛ غرب البحيرة.
 منطقة وادي العلاقي والسيالة؛ شرق البحيرة.

وبناء على هذه الموافقة؛ تم تشكيل لجنة فنية من هيئة تنمية بحيرة السد العالي مع مجلس إدارة الجمعية ومهندسيها بزيارة تلك المناطق على الطبيعة وتحديدها على خرائط مساحية في يناير1994،
والعجيب أن هذه الزيارة تم الاتفاق الكامل مع هيئة تنمية البحيرة على كافة الخطوات التنفيذية للبدء في تنفيذ المشروع بعد أن تسدد الجمعية رسوما قدرها 100 ألف جنية لمجلس مدينة أبو سمبل؛ فاستبشر النوبيون خيرا وتحمسوا وقدمت الجمعية شيكا بالمبلغ المطلوب في حينه إلا إن كافة الأجهزة الحكومية تراجعت عن وعودها واتفاقياتها مع الجمعية ومستمرة في تجاهل الجمعية حتى الآن ‍‍!.


مساكن المغتربين
ولذلك فإننا نطالب الدولة بأن تبني ضعف ما سبق تقريره في تلك المرحلة وذلك ببناء 16822 مسكناً للمغتربين والأسر النوبية الجديدة التي تكونت أثناء تلك الفترة. ولا شطط في تنفيذ هذا المطلب فقد أعيدت بناء قرى بأكملها (12 ألف مسكن) في صعيد مصر خلال شهور قلائل للذين أضيروا من السيول في درنكة بمحافظة أسيوط . والمنطق يحتم بناء 17 ألف مسكن لمن أضيروا ببناء خزان أسوان والسد العالي أسوة بهم وعلى نفس درجة المواطنة في دولة واحدة، ويجب أن تكون هذه المساكن طبقا للنموذج الذي سبق وأن أتفق عليه عام 1960 بلا تعديل أو تغيير في المواصفات، وليست مسكن رأسية (شقق) كما يروج لها التنفيذيون حاليا. وإذ ما تعلل البعض بعدم وجود مساحات تكفي لبناء هذا الكم من المساكن، فنقول لهم أن مساكن النوبيين تبنى فى الأراضي المستصلحة بالنوبة الأصلية (قسطل وأدندان وأبوسمبل المعبد ومشروع توشكى) وأن تكون المساكن مصحوبة بعدد من الأفدنه المستصلحة تعويضا عن تأخير تسليم الأراضي وموردا للمعيشة وتعميرا للمنطقة .
هذا المطلب النوبي سوف يسد ثغرة واسعة أهدر فيها الملايين من الأموال العامة خلال العشرين عاما الماضية رصدت لبناء مساكن المغتربين ولترميم منازل التهجير بالإسناد المباشر لمقاولين وسرعان ما تتساقط مساكن ويعاد ترميمها في طاحونة جهنمية يضار بها النوبيون ولا يستفيد منها سوى المفسدون.

المساكن الرأسية غير مناسبةوالنوبيون يرفضون فكرة بناء مساكن رأسية لأنها لا تتناسب مع الطبيعة النوبية، كما أنها تخالف العقد القانوني التاريخي الذي تمت عملية التهجير عام 63/1964 على أساسه، ويعلنون براءتهم من أي نوبي ساهم أو وافق أو يوافق – مجاملة لأي مسئول كان - وروج لهذه الفكرة، ويؤكدون في نفس الوقت أن توزع 5 أفدنه لكل مغترب يسلم له مسكنه تعويضا له ومورد رزق له ولأسرته .

3-مشكلة الأرض الزراعية :

المجتمع النوبي القديم مجتمع زراعي يعتمد على الإنتاج الزراعي و الحيواني، ونتيجة لتعليات خزان أسوان انحسرت المساحة المحصولية من 25898 فدان عام 1929 إلى 13661 فدانا عام 1939 (مرجع ص 43). وبعيدا عن الإحصائيات الحكومية يقدر أ. إبراهيم عبد الرسول أن حجم الأراضي الزراعية ببلاد النوبة قبل التهجير بحوالي 75 ألف فدان، في حين أن تقدير وزارة الشئون الاجتماعية قبل التهجير أن حجم الأراضي الزراعية هو 15 ألف فدان، وزعت على النحو التالي:
منطقة الكنوز 2461 فدانا و منطقة الفادجة 11682 فدانا و منطقة العرب 3 (ثلاثة) أفدنه. هل يعقل أن منطقة وادي العرب و التي تضم 7 قرى لا تملك إلا ثلاثة أفدنه فقط؟ أي إجحاف هذا ؟!
ولن نستطرد في حجم الثروة الحيوانية من أبقار وجمال وأغنام وماعز أعدمت أثناء التهجير وبعده. لعدم وجودالحظائر الخاصة لتربية المواشي وعدم اعتبارهم إبقاء الحيوانات الزراعية داخل منازلهم و الذي يجافي أبسط قواعد سلوكياتهم وثقافتهم التي توارثوها عن الأجداد .


هذه الأسطر هي إيجاز لقضية النوبة والنوبيين، إيجاز بالضرورة مخل لأنه لن يبين مدى معاناة النوبيين على مدار القرن العشرين كله. لكن حسب تلك الصفحات أنها تكون مدخلاً لإلقاء الضوء على القضية النوبية عامة، وبعدها تكون التفصيلات.

المطالب النوبية:

1- تنفيذ حق العودة للنوبيين إلى موطنهم الأصلي حسب ما نصت عليها في بيانات حقوق الإنسان الخاصة بالشعوب القديمة والتي تم التصديق عليها دستوريا على أن تقوم الحكومة بوضع و تنفيذ خطة متكاملة بعودة من يرغب من النوبيين إلى منطقتهم.
2- إعادة فتح الملف الخاص بالتعويضات النوبية المجحفة.
3- نظرا لعظم الظلم الذي وقع على النوبيين فإنه يجب أن تتم معاملة النوبيين معاملة الأولى بالرعاية سواء في المخصصات المالية أو العينية طبقا لقول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أثناء زيارته لابو سمبل عام 1960 ....
4- الاهتمام بالثقافة النوبية والتراث النوبي في وسائل الإعلام المختلفة سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة..
5- تنمية المنطقة بشريا وإداريا وزراعيا وصناعيا حيث أنها منطقة واعدة.
6- مد خط سكة حديد لربط المنطقة النوبية جنوب السد بسائر عموم مصر والسودان مستقبلا.