هل تغيير الخطاب النوبى بعد سقوط نظام مبارك عما كان عليه فى عهد مبارك؟توقفت عند هذا السؤال فى المقال السابق وسأحاول الأن أيجاد أجابه له ....
ولكن للأجابه على هذا السؤال يتوجب علينا أن نرجع بالذاكرة قليلآ إلى الفتره التى تلت تنحى أو خلع مبارك من منصبه ثم إستقالة أو إقالة وزارة أحمد شفيق وتشكيل وزاره جديده برئاسه د.عصام شرف وهى الوزارة التى حازت على رضى وقبول من أغلب قطاعات الشعب وأعتبرناها جميعا وزارة او حكومه الثوره ... ورأينا جميعا كيف تسارعت وتيرة الأحداث فور الأعلان عن تشكيل تلك الوزاره وكيف إلتهب الموقف أثر حدوث بعض الحوادث التى كادت لولا ستر الله أن تؤدى إلى أثارة حالة مرعبه من الفوضى الممنهجه والمقصوده من فلول النظام الفاسد ومن المؤكد أننا جميعا قد تابعنا بقلق تلك الأحداث بكل تفاصيلها ولذلك فلن أطيل فى الحديث عنها ولكن ما يهمنى هنا أنه وفى ذوروة تلك الأحداث فوجئ الجميع ببعض الأخوة النوبيين يطلقون دعوه لوقفة إحتجاجية نوبية أمام مقر مجلس الوزاراء للضغط على مجلس الوزراء لتلبيه بعض المطالب النوبيه التى رأى الأخوة الداعين لتلك الوقفة أنها مطالب مهمه وواجبة التنفيذ ولا يجوز تأجيلها وأتخذوا لتلك الوقفه شعار (وقفة سلميه وليست فئوية) وأعلنوا ان وقفتهم تلك ستكون يوم(الخميس 24 مارس)وتمت تنفيذ تلك الوقفة وتم أثناء هذه الوقفة مقابلة بين مدير مكتب رئيس الوزاراء ووفد من منظمى الوقفه الذين سلموا له مطالبهم مع وعد منه بعرضها على د.عصام شرف ..
ثم صدر قرار مجلس الوزاراء بأختيار الأستاذ /حجاج أدول الأديب النوبى المعروف بمواقفه المتشدده فى الدفاع عن المطالب النوبيه ليكون ممثلا للنوبيين فى لجنة الحوار الوطنى المزمع تشيكلها .... وبعد مرور قرابه العشرة أيام تقريبا ظهرت دعوة لوقفة نوبية ثانية فى نفس مكان الوقفه الأولى وكان مبرر الدعوه للوقفة الثانية هو عدم تلبية حكومه د.عصام شرف لما سبق وطالبوا به فى الوقفه الأولى وأتفق المنظمين على أن تكون وقفتهم الثانيه تحت شعار(الأنتفاضة النوبية)وحددوا يوم (الخميس 7 أبريل ) موعد لتلك الوقفة أو (الأنتفاضة النوبية) كما تم وصفها من قبل بعض المنظمين ... المهم تمت الوقفة الثانية فى موعدها وفى نفس مكان الوقفة الأولى وقام المنظمين للوقفة بتشكيل وفد منهم ليصعد لمقابلة د.عصام شرف فى مكتبه بمقر مجلس الوزاراء وقابلوا د.شرف الذى أستمع إليهم وأخبرهم بعدم علمه بمطالبهم تلك فأعدوا تقديم مطالبهم إليه وانتهى اللقاء بوعد من د. شرف لهم بالعمل على حل مشاكلهم ... وأصدر مجلس الوزارء بعد مرور بضعة أيام من تلك الوقفة قرارا" وزاريا بتمليك (4000) أربعة ألاف منزل للنوبيين فى غرب أسوان وقرار أخر بتخصيص (3700 )ثلاثة ألاف وسبعمائة فدان بمنطقه توشكى للنوبيين ووعد بتخصيص دائره إنتخابيه مستقله للنوبيين بنصر النوبه عند تعديل قانون الدوائر الأنتخابيه ....وقوبلت تلك القرارات بالرفض من قبل الأخوة المنظمين للوقفتين الأحتجاجيتين وذلك لعدم تطابق تلك القرارات مع ما سبق وقدمه للدكتور عصام شرف فى لقائهم معه اثناء الوقفه الثانيه فأتهموا د.شرف وحكومته بالتسويف وعدم الجديه فى حل القضيه النوبيه وأعلنوا عن تنظيمهم لمؤتمر صحفى فى نقابه الصحفيين للرد على تأخر حكومه د.شرف فى تلبية مطالبهم وأعلانوا أن المؤتمر الصحفى سيكون تحت عنوان (الحقوق النوبيه بعد ثورة 25 يناير ) وأتفقوا على أن يسبق المؤتمر وقفه رمزيه أمام نقابة الصحفيين وبالفعل تم عقد المؤتمر يوم (السبت 23 أبريل ) وحضر المؤتمر الكثير من الشخصيات النوبيه النشطه فى مجال الدفاع عن الحقوق النوبيه وأعلن الحاضرين عن أستيائهم من تعامل حكومه د. شرف مع الملف النوبى وعدم تنفيذ المطالب النوبيه وبل وهدد عدد من الحاضرين بتصعيد موقفهم إذا لم تستجب الدوله لهم (وذلك طبقا لما ذكر باليوم السابع).
واجد انه من الواجب على أن أنبه على اننى قمت بسرد الأحداث السابقه من أجل الوصول إلى أجابه للسؤال الذى بدأت به هذا المقال ولذلك لم أتطرق أثناء سردى للأحداث إلى تفاصيل المطالب التى قدمها منظمى تلك الوقفات للدكتور شرف أو أسباب رفضهم للقرارات الصادره من مجلس الوزراء وأعد أن أخصص مقال منفصل لمناقشة تلك الأمور بالتفاصيل فما يهمنى هنا فى الأساس هو الخطاب الذى يفترض بنا كنوبيين أن نرد به على السؤال الذى دائما ما يردده أغلب شرائح المجتمع المصرى عند ذكر المطالب النوبيه وهو (ماذا يريد النوبيين ؟)
وإذا وبعد سرد مجمل الأحداث والتحركات النوبيه منذ سقوط مبارك وحتى الأن فيجب علينا ونحن فى طريقنا للأجابه عن السؤال السابق أن نضع أنفسنا مكان أى مواطن مصرى من المفترض انه لا يعلم شيئا عن القضيه النوبيه ولا عن مقدار ما عانى النوبيين على مدى السنين الماضيه ....ولنتخيل سويآ وفى ظل ما تمر به مصر من أحداث ملتهبه وحاله عدم أستقرار كيف سيكون رد فعل ذلك الشخص عند سماعه بقيام النوبيين بتنظيم وثلاثة وقفات إحتجاجيه (إثنان أمام مقر مجلس الوزراء وواحدة على سلم نقابه الصجفيين) للضغط على الدوله لتنفيذ مطالب خاصه بهم – (أرجو إلا يبرر أحد الأمربدعوى إنها وقفات سلميه أووقفات غير فئويه لأنه فى تلك الحالة لن تفرق كونها سلميه او غير ذلك من تعريفات فما يهم المواطن العادى هنا هو الفعل فى حد ذاته ) – ولنتخيل إيضا" كيف يكون شعور نفس الشخص عندما يعلم عن طريق وسائل الأعلام عن صدور قرار من مجلس الوزراء لصالح النوبيين عقب كل وقفه احتجاجيه ينظموها – ( وهو هنا لا يعنيه مدى تطابق تلك القرارات الصادره مع المطالب المقدمه لأنه ليس لديه علم أو درايه بخلفيات القضيه النوبيه) – ثم عقب ذلك يفاجئ بأعتراض غير مبرر – ( من وجهة نظره) – للنوبيين على القرارات التى أصدرها مجلس والوزراء وبل ويسمع عن تهديدات نوبيه بتصعيد إذا لم تنفذ لهم الحكومه مطالبهم ....
ومع أخذ فى الأعتبار لما كان يشيعه نظام مبارك عن المطالب النوبيه على أنها مطالب أنفصاليه وأن النوبيين يريدون العوده لمناطقهم القديمه حتى يتسنى لهم الأنفصال عن مصر وغيرها من الأكاذيب التى روجها النظام الساقط عن النوبيين حتى تحولت من كثرت ترديدها من أكاذيب بلا سند إلى ما يشبه اليقين الراسخ فى واجدان الكثير من المصريين ..... وبالنظر لكل ما سبق يصبح من الطبيعى أن يكون رد الفعل المتوقع من أغلب المصريين هو الأستهجان والرفض لتلك التحركات النوبيه وبل وتوجيه الأتهام للنوبيين بأستغلال الظروف غير المستقره التى تمر بها مصر من أجل تنفيذ أجنداتهم الخاصه ... ويصبح من غير المستبعد تكون تيار شعبى قوى رافض لعودة النوبيين إلى مناطقهم القديمه أو حتى تنفيذ إى مطلب للنوبيين .
أذا ومما سبق يمكن القول أن أسلوب أدارة الملف النوبى من قبلنا كنوبيين لم يتغير عما كان عليه قبل سقوط مبارك ونظامه ....وأننا مازلنا نرفع نفس الشعارات ونستخدم نفس الخطاب البكائى ونقوم بنفس التحركات الغير مدروسه العواقب وكل ما تغيير هو أن البعض منا أصبح يتخذ مواقف أكثر حده وتصعيد دون تفكير لعواقب تلك المواقف وتداعياتها علينا جميعا وللأسف اصبحت الرغبه فى الظهورعلى الساحه تسبق الرغبه فى الوصول إلى حل مرضى لمطالب طال أمدها .