الأربعاء، 27 أبريل 2011

ماذا يريد النوبيين ؟


هذا السؤال هو أول ما يرد على ذهن الكثير من المصريين عندما يتطرق الحديث إلى موضوع المطالب النوبيه ودائما ما يقال السؤال بلهجه استنكار ورفض لإى تحرك نوبى وتلك اللهجه فى الحديث تجعلنا نفكر كثيرفى الأسباب التى تدفع الكثير من المصريين إلى أستنكار ورفض التحركات النوبيه وتطرح الكثير من الأسئله حول دوافع ذلك الأستنكار العام (أو شبه العام) لإى حديث عن القضيه النوبيه ...
فهل يأتى هذا الرفض والأستهجان من منطلق كره المصريين (الغير نوبيين) للمصريين النوبيين ؟ ومن الطبيعى أن تكون الأجابه الفوريه لهذا السؤال هى النفى فالنوبيين موجودون فى أغلب مدن ومحافظات الجمهوريه وتربطهم بغيرهم من أبناء الوطن روابط كثيره كالصداقه والزماله فى العمل والجيره وغيرها من الروابط الأنسانيه بل على مستوى التعامل الشخصى فأن أول ما يتبادر إلى ذهن إى مصرى عند ذكر النوبيين هو الكثير من الصفات الحميده والخصال الطيبه التى دائما ما يُصف بها النوبيين(كلأمانه والأخلاص ودماثة الخلق والطيبه ) ,ذلك الأمر يجعلنا نتسأل إذا ماكان ذلك هو رأى كل مصرى فى النوبيين فلماذا يستنكر عليهم حقوقهم ويرفض مطالبهم ؟ وهذا السؤال هو مربط الفرس فى الموضوع برمته فببساطه المبعث الرئيسى لذلك الأستنكار وهذا الرفض والأستهجان هو عدم فهم أغلب قطاعات الشعب المصرى لأبعاد القضيه النوبيه وعدم معرفتهم لملابسات وابعاد تلك المطالب .... ولكن ماهى أسباب عدم فهم أغلب المصريين لما يعانيه أخوة لهم فى الوطن على مدى مايزيد عن المائة عام (منذ بناء خزان أسوان فى أواخر القرن التاسع عشر وحتى الأن ) ؟ وفى الحقيقه يجب الأعتراف بوجود الكثير من الأسباب التى ساعدت على عدم فهم أغلب المصريين لمعاناة أخوانهم النوبيين منها التعتيم الأعلامى المتعمد خلال حقب متتاليه على ماحدث للنوبيين وأخفاء مقدار ما عانوه وما ضحوا به طوال سنوات طويله وأيضا أدى الأسلوب الممنهج الذى أتبعه القائمين على شأن الثقافى على المستوى الرسمى لطمس التنوع الثقافى فى مصر من أجل فرض ثقافه أحاديه لا تقبل الأعتراف بالأختلاف وأيضا لا يمكن أن نغفل ما كان يقوم به نظام مبارك طوال فترة حكمه التى أمتدت لثلاثون عاما من أزكاء للفتنه بين أبناء الوطن وتأليب المصريين بعضهم على بعض وتشتيت أبناء الوطن فى صراعات جانبيه تلهيهم عن عدوهم الحقيقى وتضمن له دوام بقائه على سدرة الحكم  ( يوجد هنا حديث للدكتور جابر عصفور يمكن الرجوع كمثال توضيحى ).
وأيضا يجب أن نعترف أننا عجزنا كنوبيين وفشلنا فى التعريف بما نريد وبما قاساه أبائنا وأجدادنا ..... نعم وللأسف نحن اسائنا إلى أنفسنا بمقدار قد يزيد كثيراً عما أساء به إلينا حكام  مصر المتعاقبيين .. وأرجو قبل أن يسارع أحد بأتهامى بالتجنى أو بالرغبه فى جلد الذات أن يراجع أولآ ما قمنا به وخاصةً خلال فتره حكم مبارك من أفعال وتحركات للمطالبه بما لنا من حقوق ....
 فنحن كان من المفترض بنا أن نناضل ونكافح فى وجهه هذا النظام الأمنى التعسفى الذى كان يشكل حائلا يمنعنا من الوصول إلى حقوقنا المشروعه و مطالبنا العادله  بما أننا أصحاب قضيه عادله  ولكننا أثرنا الطريق السهل وهو التقوقع على الذات كبديل عن النضال ضد مبارك ونظامه وأخذنا بطش النظام وتعسفه كذريعه للتقوقع داخل أنديتنا وجمعياتنا الخاصه رافعين شعارات من عينة (العنصريه ضد النوبيين) و (أضطهاد النوبيين ) وهى شعارات تقدم خطاب بكائى يصلح للأستخدام المحلى (داخل المجتمع النوبى) وتكسب صاحبها الكثير من المؤيدين والمساندين والمهللين من النوبيين ولكنها  للأسف لا تقدم حل أو رؤيه صحيحه لما نطالب به من حقوق وأيضا لا تصلح كخطاب تعريفى لمطالبنا أمام غير النوبيين .... ولم تكسبنا تلك الشعارات وذلك الخطاب إلا المزيد من التقوقع داخل انديتنا وجمعياتنا بل ومنتدياتنا الألكترونيه فيما يشبه الجيتو ولكنه جيتو أختيارى صنعناه بأرادتنا لنهرب داخله من عجزنا عن الدفاع عما نؤمن أنه حقنا المسلوب فتقوقعنا داخل مجتماعتنا المغلقه رافعين شعاراتنا الخاصه متباكين على ما كان لنا وذهب ..... وأكثر ما يثير الدهشه والتعجب هو أننا وعلى الرغم من هذا التقوقع الشديد فشلنا فشلآ ذريعا فى أن نتفق على صيغه موحده ورؤيه واضحه لمطالبنا التى نطالب بها وأختلفنا وتشرزمنا وتحولنا إلى كيانات وجماعات متصارعه عوضاَ عن أن نشكل جماعه أو جبهه واحده متفقه ... والغريب أننا حتى عندما فكرنا  أن نخرج بمطالبنا إلى المجتمع أختارنا أن نعقد بعض الأجتماعات داخل القاعات المكيفه وندعو إليها بعض المتعاطفين معنا من مثقفى مصر ولم نفكر فى إصال صوتنا إلى شرائح أوسع من المجتمع فمن المفترض والطبيعى  بمن يشرح قضيه كقضيتنا أن يتوجه بشرحه لمن لا يعرف  تلك القضيه حتى يكسب متعاطفين أو متضامنين مع قضيته التى تصدى للدفاع عنها ولكننا وللأسف وللمره الثانيه أخترنا الطريق الأسهل وهو الحديث مع من لديه قدر من التعاطف معنا وأهمالاً حقيقه بديهيه وهى أن تعاطف إى أنسان مع قضية ما هو دليل دامغ على سابق معرفة هذا الأنسان بقدر ولو ضئيل من المعلومات حول تلك القضيه التى يتعاطف معها .
وقبل أن يندفع أحد ويستنكر ما ذكرته ويحاول أن  يبرر ما حدث من منطلق ما كان يلاقيه معارضى ذلك النظام من بطش وترويع وإلقاء فى غياهب السجون ... وعلى الرغم من وجاهة تلك المبررات التى لا أملك أن أنكرها ولكنى بدورى أرد بما أعتبره فصل الخطاب فى ذلك الأمرفكلنا أو أغلبنا يذكر ما حدث للأديب والمدون السيناوى مسعد أبوفجر الذى دفع ثلاثة سنوات من عمره قضاها فى غياهب سجون مبارك بسبب دفاعه عن أهل سيناء ونشر ما يتعرضون له من ظلم على يد نظام مبارك ... وسؤالى هو هل لاقى أحد النوبيين ولو نصف ما لاقاه مسعد أبو فجر مثلآ ؟؟ وبالطبع الأجابه عن هذا السؤال معروفه للجميع فلم يقم نظام مبارك بسجن إى نوبى ولو ليوم واحد بسبب دفاعه عن حقوق أهل النوبه وأرجو إلا يحاول أحد الحديث عن التضيق المعنوى وكتم الأصوات والمضايقات فى العمل والتنقل لأن كل تلك الأمور كانت تمارس بشكل شبه يومى مع الكثيرين من ابناء الوطن من المعارضين لمبارك ونظامه ... ويجب أن نتعرف الفرق بين تعامل نظام مبارك مع مسعد أبو فجر وتعامل نفس النظام معنا كنوبيين سببه الأساسى هو أن أبو فجر دافع عن حقوق أهل سيناء مستخدما أسلوب معارض لتصرفات ذلك النظام وتجاوزاته مع أهل سيناء وفى نفس الوقت عمل على فضح الأكاذيب التى حاول نظام مبارك ترويجها عن أهل سيناء فأكتسب بذلك تعاطف شرائح عريضه من المصريين .... أم نحن فكانت تحركاتنا وتصرفاتنا كانت تساعد على ترسيخ وتأكيد ما يروجه ذلك النظام عنا وعن مطالبنا وكنا ننفذ بقصد او بدون قصد ما يخدم أهداف ذلك النظام الفاسد ولذلك كان وجودنا على الساحه فى صالحه فتركنا لنتحدث ونصرخ كما نشاء ولم يكلف نفسه عناء كتم أصواتنا .
والأن وبعد أن سقط ذلك النظام الفاسد وألقى بأغلب رموزه فى السجون ... فهل تغيير الخطاب النوبى عما كان عليه فى عهد مبارك؟
ونظرا″ لأهمية هذا السؤال فلأجابه عليه  تحتاجه الكثيرمن السرد المطول لشرح ماحدث من أمور كثيره خلال الفتره التى تلت سقوط نظام مبارك ... فسأختم تلك مقالى هذا عند ذلك الجزء وسأجيب عن هذا السؤال فى المقال القادم.
                       

هناك تعليق واحد:

مصطفى شوربجى يقول...

كالعادة ...
هايلة جدا يا رامى ومفيش كلام يتقال بعد كلامك